المطلب السادس الأمارات المعتبرة عقلاًوشرعاً

حول انحلال العلم الإجمالی بالبراءة الشرعیّة

کد : 149614 | تاریخ : 12/02/1394

حول انحلال العلم الإجمالی بالبراءة الشرعیّة

‏ثمّ لو فرض جریان أصالة البراءة الشرعیّة بالنسبة إلی الأکثر؛ بناءً علی هذا‏‎ ‎‏المبنی ـ أی القول بعدم انحلاله عقلاً ـ والإغماض عن الإشکالات المتقدّمة، فهل‏‎ ‎‏ینحلّ العلم الإجمالیّ بها؛ لجریانها بالنسبة إلی الأکثر، وأنّ الأقلّ واجب نفسیّ‏‎ ‎‏تعبّداً، وأنّه تمام المأمور به ومصداق ظاهریّ للطبیعة المأمور بها ـ أی الصلاة ـ إمّا‏‎ ‎‏لأنّه مقتضی أدلّة الواجب وحدیث الرفع معاً، کما ذکره بعضهم‏‎[1]‎‏، وإمّا لتخصیص‏‎ ‎‏إطلاقات الأدلّة بحدیث الرفع، کما اختاره فی الکفایة‏‎[2]‎‏، وإمّا لحکم العرف والعقلاء‏‎ ‎‏بأنّ الأقلّ تمام المأمور به بعد نفی وجوب الأکثر بأدلّة البراءة، کما اختاره شیخنا‏‎ ‎‏الاُستاذ الحائری ‏‏قدس سره‏‎[3]‎‏.‏

ولایرد علیه ما أورده المحقّق العراقیّ ‏؛ حیث ذکر الوجوه الثلاثة المشار إلیها‏‎ ‎‏لإثبات وجوب الأقلّ فقط، وأورد علی کلّ واحدٍ منها، وحیث إنّه لا یهمّنا إطالة‏‎ ‎‏الکلام فی ذلک نذکر الوجه الأوّل الذی ذکره، وأورد علیه، مع ما یرد علیه من‏‎ ‎‏الإشکال.‏

فقال : الأوّل من الوجوه :‏ أنّ الحدیث ناظر إلی إطلاقات أدلّة الجزئیّة واقعاً؛‏
‎[[page 477]]‎‏بتقیید مفاد فعلیّتها بحال العلم بها، وأنّه برفع فعلیّة التکلیف عن المشکوک واقعاً، مع‏‎ ‎‏ضمیمة ظهور أدلّة بقیّة الأجزاء فی الفعلیّة، یرتفع الإجمال فی البین، ویتعیّن کون‏‎ ‎‏متعلّق التکلیف الفعلیّ هو الأقلّ، وبالإتیان به یتحقّق الفراغ والخروج عن عهدة‏‎ ‎‏التکلیف.‏

ثمّ أورد علیه :‏ بأنّ حدیث الرفع لا یصلح لرفع فعلیّة التکلیف عن المشکوک‏‎ ‎‏واقعاً؛ إذ مفاد الرفع فیه ـ کما أوضحناه فی محلّه‏‎[4]‎‏؛ عند التعرّض لشرح الحدیث ـ‏‎ ‎‏إنّما هو مجرّد الرفع الظاهری الثابت فی المرتبة المتأخّرة عن الجهل بالواقع، ومثله‏‎ ‎‏غیر صالحٍ لتقیید إطلاقات أدلّة الجزئیّة الواقعیّة المحفوظة؛ حتّی بمرتبة فعلیّتها فی‏‎ ‎‏المرتبة السابقة علی الجهل بها.‏

والحاصل :‏ أنّ الشکّ فی وجوب الجزء المشکوک متأخّر عنه رتبةً، والرفع‏‎ ‎‏الظاهری متأخّر عن الشکّ؛ لأنّه من أحکامه، فالرفع متأخّر عن وجوب الجزء‏‎ ‎‏بمرتبتین، ویمتنع تعلّق الرفع بما هو متقدّم علیه برتبتین؛ أی الجزئیّة الواقعیّة‏‎ ‎‏المحفوظة فی المرتبة السابقة علی الجهل بها، ولأنّ رفع کلّ شیء عبارة عن نقیضه‏‎ ‎‏وبدیله، فلایمکن أن یکون الرفع فی هذه المرتبة نقیضاً لما هو فی المرتبة السابقة؛‏‎ ‎‏لأنّ وحدة الرتبة شرط فی التناقض‏‎[5]‎‏. انتهی.‏

وفیه :‏ أنّ الإطلاق لیس عبارة عن لحاظه فی جمیع الحالات وفی جمیع‏‎ ‎‏المراتب، بل هو عبارة عن عدم التقیید مع تعلیق الحکم بنفس الطبیعة، وهو بإطلاقه‏‎ ‎‏متحقّق فی جمیع الحالات والمراتب حتّیٰ فی مرتبة الجهل بالحکم، ولهذا قلنا: إنّ‏‎ ‎‏الحکم الواقعی محفوظ فی مرتبة الحکم الظاهری أیضاً، ومن جملة المراتب مرتبة‏‎ ‎‏الشکّ فی وجوب الجزء ورفعه، وحینئذٍ یرتفع الإشکال الذی ذکره بحذافیره؛ من‏
‎[[page 478]]‎‏حیث إنّ الرفع متعلِّق بالحکم فی مرتبة واحدة.‏

‏مضافاً إلی ما تقدّم منّا : من منع ما ذکروه من تأخّر الشکّ فی الحکم عن‏‎ ‎‏نفس الحکم؛ لما یلزمه من التوالی الفاسدة المتقدّمة.‏

‏هذا کلّه بالنسبة إلی الأقلّ والأکثر فی الأجزاء.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 479]]‎

  • )) فوائد الاُصول 4 : 163 .
  • )) کفایة الاُصول : 417 .
  • )) درر الفوائد : 480 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 211 .
  • )) نفس المصدر 3 : 390 ـ 391 .

انتهای پیام /*