الفصل الثانی فی صحّة إطلاق الحجّة علیٰ القطع
إنّ ما ذکروه : من عدم إطلاق الحجّة علیٰ القطع، بخلاف الظنّ، وأنّ الحجّة: عبارة عن الوسط لإثبات حکم، والظنّ کذلک؛ لأنّه یمکن أن یقال: «هذا مظنون الخمریّة، وکلّ مظنون الخمریّة حرام، فهذا حرام»، بخلاف القطع، فلا یقال فی الکبریٰ: «وکلّ مقطوع الخمریّة حرام»؛ لأنّ الحرمة متعلّقة بنفس الخمر الواقعی، لا العلم به، فیقال : «هذا خمر، وکلّ خمر حرام، فهذا حرام».
فیه : أنّ الحرمة فی صورة الظنّ ـ أیضاً ـ متعلّقة بالخمر الواقعی، لا بمظنون الخمریّة، فعلیٰ هذا یرد الإشکال فی إطلاق الحجّة علیٰ الظنّ أیضاً.
والحلّ : أنّ الحجّة لیست عبارة عن الوسط، فإنّ الحجّة فی اصطلاح الاُصولیّین: هو ما یحتجّ به، ویقع به الاحتجاج بین الموالی والعبید، ولا فرق بین القطع والظنّ المعتبر فی إطلاق الحجّة علیهما بهذا المعنیٰ، فإنّ القطع ـ أیضاًـ ممّا یحتجّ به بین الموالی والعبید، أو أنّه عذر للعبید عند الموالی .
[[page 14]]