المرحلة الثالثة فی الاشتغال

التنبیه الثانی فی حکم الخروج عن محلّ الابتلاء

کد : 149916 | تاریخ : 16/02/1394

التنبیه الثانی

فی حکم الخروج عن محلّ الابتلاء

‏المشهور بین الأصحاب، بل استقرّ آراء جلّ المتأخّرین علی عدم لزوم ‏‎ ‎‏الاجتناب عن أطراف المعلوم بالإجمال إذا خرج بعضها عن محلّ الابتلاء. ‏

‏وبالجملة: یرون أنّ من شرائط تنجیز العلم الإجمالی أن یکون تمام أطرافه ‏‎ ‎‏ممّا یمکن عادة ابتلاء المکلّف بها، فلو کان بعضها خارجاً عن محلّ الابتلاء لا ‏‎ ‎‏یتنجّز العلم ویکون الطرف الآخر مورداً للبراءة العقلیة. ‏

‏یوجّه ذلک بأنّ الأمر أو النهی لداعی البعث أو الزجر ولأجل ذلک یعتبر أن ‏‎ ‎‏یکون مورد التکلیف مورداً للابتلاء نوعاً بحیث لا یعدّ من الحالات النوعیة حتّی ‏‎ ‎‏لا یکون البعث إلیه أو الزجر عنه لغواً کجعل الحرمة للخمر الموجودة فی أقصی ‏‎ ‎‏نقاط العالم لمن لا یقدر علی السفر إلیها؛ فإنّه یعدّ من الحالات العادیة ابتلاء ‏‎ ‎‏المکلّف فی محیطنا بها. ‏

‏وبالجملة: إنّ التکالیف المتوجّهة إلی المکلّفین لأجل إیجاد الداعی إلی ‏‎ ‎‏الفعل أو الترک، فإذا لم یمکن عادة ترکه أو إتیانه، فلا مجال لتعلّق التکلیف به، ‏‎ ‎‏فالنهی عن شرب الخمر الموجودة فی أقصی نقاط العالم یکون مستهجناً؛ فإذا ‏‎ ‎‏کان هذا حال الخطابات التفصیلیة فلحاظه فی الخطابات الإجمالیة أوضح. ‏

‏ومقصودهم من الخروج عن محلّ الابتلاء أعمّ ممّا یکون غیر مقدور عادة، ‏‎ ‎‏أو یرغب عنه الناس عادة، ویکون الدواعی عنه مصروفة نوعاً، والمیزان استهجان ‏‎ ‎‏الخطاب عنه عند العقلاء. ‏


‎[[page 194]]‎‏وإن شئت قلت: إنّ الغرض من الأمر أو النهی لیس إلا حصول ما اشتمل علی ‏‎ ‎‏المصلحة، أو عدم حصول ما اشتمل علی المفسدة، وواضح أنّه مع عدم التمکّن ‏‎ ‎‏العادی عن الترک أو الفعل لا یکاد تفوت المصلحة أو تحصل المفسدة، فلا ‏‎ ‎‏موجب للتکلیف، بل لا یصحّ لاستهجانه. ‏

‏وبالجملة التکالیف المتعلّقة بالمکلّفین لها مبادئ، فإذا لم تتحقّق المبادئ، فلا ‏‎ ‎‏یمکن تعلّق الأمر أو النهی منهم، ومن الواضح أنّ الأمر بداعی الانبعاث إلی ‏‎ ‎‏الفعل أو النهی بداعی الانزجار عنه، ولا مصلحة لمجرّد إنشاء البعث أو الزجر، ‏‎ ‎‏فإذا کان الشیء خارجاً عن ابتلاء المکلّف وغیر مقدّر له، فعلاً أو ترکاً لا یکاد ‏‎ ‎‏یحصل البعث أو الزجر من المولی، ولذا قالوا: من شرائط صحّة التکلیف قدرة ‏‎ ‎‏المکلّف علی الانبعاث أو الانزجار، فلا یصحّ، بل لا یمکن للمولی الحکیم ‏‎ ‎‏الملتفت بعجز المکلّف تکلیفه بإتیان شیء أو ترکه. ‏

‏والحاصل: أنّ الخروج عن محلّ الابتلاء نظیر کون الشیء غیر مقدور فکما لا ‏‎ ‎‏یکون بعث وزجر عند عدم القدرة، فکذلک عند عدم الابتلاء فعند ذلک لا تکون ‏‎ ‎‏إرادة؛ لأنّها من الأفعال الاختیاریة فلابدّ وأن تکون لها مبادئ فعند عدم إمکان ‏‎ ‎‏انبعاث المکلّف لا یکاد تتعلّق إرادة البعث أو الانزجار. ‏

‏نعم، لو احتمل إمکان الانبعاث أو الانزجار لصحّ تعلّق البعث أو الزجر. ‏

‏فعلی هذا لو کان الشیء خارجاً عن محلّ الابتلاء فکما لا یمکن النهی ‏‎ ‎‏تفصیلاً، أو یکون مستهجنة فکذلک لا یمکن النهی الإجمالی عنه فکذا قالوا: إنّ ‏‎ ‎‏من شرائط تنجیز العلم الإجمالی أن یکون جمیع أطرافه محلاًّ للابتلاء، فقیل ‏‎ ‎‏العلم الإجمالی إذا خرج بعض أطرافه عن محلّ الابتلاء، فلا یکون العلم ‏‎ ‎‏الإجمالی منجّزاً. ‏


‎[[page 195]]‎‏هذا غایة ما یوجّه لاعتبار الابتلاء فی تنجیز العلم الإجمالی وعدم لزوم ‏‎ ‎‏الاجتناب عن الأطراف إذا خرج بعضها عن محلّ الابتلاء. ‏

‎ ‎

‎[[page 196]]‎

انتهای پیام /*