تنبیهات البراءة

ذکر و تعقیب

کد : 149981 | تاریخ : 16/02/1394

ذکر و تعقیب

‏حاول بعض الأساطین قدس سره لتصحیح الاحتیاط فی العبادات بأوامر الاحتیاط، ‏‎ ‎‏وحاصل ما أفاده هو أنّ الأمر بالاحتیاط تعلّق بذات العمل الذی یحتمل وجوبه، ‏‎ ‎‏لا بالعمل بقید أنّه محتمل الوجوب. فیکون احتمال الوجوب حیثیة تعلیلیة، لا ‏‎ ‎‏تقییدیة حتّی یکون قیداً فی المأمور به. فیصحّ إتیان العمل بقصد الأمر بالاحتیاط ‏‎ ‎‏المتعلّق بذاته فینوی التقرّب به ویقصد امتثاله. ولذا حکی أنّ قدماء الأصحاب ‏‎ ‎‏کانوا یفتون باستحباب نفس العمل فی الشبهات البدویة الحکمیة، من دون أن ‏‎ ‎‏یقیّدوا إتیان العمل بداعی احتمال المطلوبیة. مع أنّه لو لم یتعلّق أمر الاحتیاط ‏‎ ‎‏بخصوص نفس العمل بل بها بداعی احتمال الأمر، ما کان وجه لإطلاق الفتوی ‏‎ ‎‏باستحباب العمل، بل کان اللازم تقیید الفتوی بإتیان العمل بداعی احتمال الأمر، ‏‎ ‎‏کما علیه المتأخّرون.‏‎[1]‎

‏أمّا الذی تفطّنا به فتفصیله یطلب من باب الترتّب ومسألة اجتماع الأمر والنهی ‏‎ ‎‏وغیرهما.‏‎[2]‎‏ أمّا إجماله فهو أنّ الأحکام متعلّقة بالعناوین لا المعنونات الخارجیة؛ ‏‎ ‎‏ضرورة أنّ الخارج ظرف سقوط التکلیف لا ظرف ثبوته والتعلّق. فلا یتعلّق ‏‎ ‎‏التکلیف بالمصداق والمعنون أصلاً، ولا یعقل تجافی الحکم المتعلّق بعنوان عنه ‏‎ ‎‏إلی عنوان آخر، ولو اتّحد العنوانان فی مصداق واحد خارجاً؛ ضرورة أنّ ‏‎ ‎‏المأمور به هو متعلّق الهیئة؛ والمادّة التی تعلّقت بها هیئة البعث والزجر. فإذاً ‏‎ ‎
‎[[page 39]]‎‏الحکم المتعلّق بعنوان الاحتیاط أو الوفاء بالنذر أو الوفاء بالعقد مثلاً، لا یتجافی ‏‎ ‎‏عنه إلی المعنون الآخر المتّحد معه خارجاً، وغایة ما هناک هی کون المصداق ‏‎ ‎‏الخارجی مجمع العنوانین، کانطباق عناوین العالم والعادل والهاشمی علی ‏‎ ‎‏شخص خارجی بجهات مختلفة.‏

‏فإذا تمهّد لک أنّ مرکز تعلّق الأحکام هو العناوین، وأنّه فی عالم العنوانیة ‏‎ ‎‏یباین أحد العنوانین للآخر، ولا اجتماع لهما هنا و إن اجتمعا خارجاً، وعرفت أنّ ‏‎ ‎‏الحکم المتعلّق بعنوان لا تتجافی عنه إلی العنوان الآخر المتّحد معه خارجاً، ولا ‏‎ ‎‏یکون ذلک العنوان متعلّق ذاک الحکم ما لم یقع بذاته متعلّقاً بذاک الحکم أیضاً، ‏‎ ‎‏ینقدح لک أنّ الأمر المتعلّق بالاحتیاط لا یکاد یتجاوز عن حریم عنوان الاحتیاط ‏‎ ‎‏إلی عنوان المصداق المتّحد معه خارجاً. فلا تکون ذات الصلاة کما حکی عن ‏‎ ‎‏القدماء، أو مع تقیّده باحتمال المحبوبیة کما عن المتأخّرین، مأموراً به، بل ‏‎ ‎‏المأمور به هو متعلّق الهیئة؛ وهو نفس عنوان الاحتیاط لیس إلا. فلا تکون للصلاة ‏‎ ‎‏بأحد الوجهین أمر حتّی یأتیها بداعیه.‏

‏وتوهّم: انحلال الأمر المتعلّق بعنوان الاحتیاط إلی ذلک، مدفوع: بأنّه لا معنی ‏‎ ‎‏لانحلال الاحتیاط إلا إلی موارد الاحتیاط، لا إلی الصوم والصلاة والزکاة؛ لأنّ ‏‎ ‎‏الانحلال عبارة عن تفصیل العنوان الإجمالی لا تفصیل شیء آخر.‏

‏وبذلک ینقدح أنّ مقتضی لزوم العقد هو لزوم الوفاء بنفس العقد، ومقتضی ‏‎ ‎‏الوفاء بالنذر هو الوفاء بعنوان النذر، فلا تتجافی الحکم عنهما إلی الفعل المتّحد ‏‎ ‎‏معهما خارجاً.‏

‎ ‎

‎[[page 40]]‎

  • . اُنظر: فوائد الاُصول 3: 402.
  • . تقدّم فی الجزء الثالث: 302 و 410 و فی الجزء الرابع: 76 ـ 82.

انتهای پیام /*