مبحث التعارض واختلاف الأدلّة

هل المرجّحات السندیّة جاریة فی العامّین من وجه أم لا ؟

کد : 150200 | تاریخ : 18/02/1394

هل المرجّحات السندیّة جاریة فی العامّین من وجه أم لا ؟

‏ ‏

‏ثمّ علی فرض عموم الأخبار العلاجیّة للعامّین من وجه، فهل تجری فیهما جمیع‏‎ ‎‏المرجِّحات حتّی المرجِّحات السندیّة، أو أنّه لاتجری فیهما تلک المرجِّحات؟ کما اختاره‏‎ ‎‏المیرزا النائینی ‏‏قدس سره‏‏؛ حیث قال ما حاصله: الظاهر أنّه لایُرجع فیهما إلی المرجِّحات‏‎ ‎‏السندیة، بل لابدّ فیهما من الرجوع إلی المرجّحات الجهتیّة، ومع فقدها فإلی‏‎ ‎‏المضمونیّة؛ لأنّ التعارض فیهما إنّما هو فی بعض المضمون؛ أی مادّة الاجتماع، وأمّا مادّتا‏‎ ‎‏افتراقهما فلا تعارض بینهما فیها، وحینئذٍ فلا معنی للرجوع فیهما إلی المرجّحات‏‎ ‎‏السندیّة؛ لأنّه إن اُرید من الرجوع إلیها طرح أحدهما رأساً، والمعاملة معه معاملة مع‏‎ ‎‏الخبر الغیر الصادر، فلا وجه له؛ لعدم ابتلائه بالمعارضة فی مادّة افتراقه، مع شمول أدلّة‏‎ ‎‏حجّیّة خبر الواحد له.‏

‏وإن اُرید منه طرحه فی خصوص مادّة الاجتماع فهو غیر ممکن، فإنّ الخبر‏
‎[[page 514]]‎‏الواحد لایقبل التبعیض فی بعض المدلول من حیث الصدور؛ بأن یقال: إنّه صادر فی‏‎ ‎‏بعض المدلول، وغیر صادر فی البعض الآخر.‏

وما یقال :‏ من انحلاله إلی أخبار متعدّدة حسب تعدّد أفراد الموضوع، کما هو‏‎ ‎‏الشأن فی جمیع القضایا الحقیقیّة، فلا محذور فی طرح أحد العامّین من وجه فی‏‎ ‎‏خصوص مادّة الاجتماع دون الافتراق.‏

‏واضح الفساد ، فإنّ الانحلال المذکور لایقتضی تعدّد الروایة، بل لیس فی البین‏‎ ‎‏إلاّ روایة واحدة، رتّب فیها الحکم علی موضوعه المقدّر وجوده‏‎[1]‎‏. انتهی.‏

أقول :‏ ما أفاده ـ من أنّه لا معنی للرجوع إلی المرجِّحات الصدوریّة فیهما ـ إن‏‎ ‎‏أراد منه أنّ التعبّد بصدور خبر فی بعض مدلوله دون بعض، ممتنع عقلاً، فهو ممنوع لأنّ‏‎ ‎‏الذی یأباه العقل هو صدوره وعدم صدوره تکویناً، فإنّه غیر معقول، وأمّا شرعاً وفی‏‎ ‎‏عالم التعبّد ـ بمعنی الحکم بترتیب بعض الآثار فقط ـ فلا؛ لأنّ التعبّد باب واسع یمکن‏‎ ‎‏التعبّد بما هو ممتنع تکویناً، مثل التعبّد بوجود المعلول دون علّته، وبالعکس، وبأحد‏‎ ‎‏المتلازمین عقلاً دون الآخر.‏

‏وإن أراد عدم إمکانه عرفاً ـ وإن کان ذلک خلاف ظاهر عبارته ـ بتقریر: أنّ‏‎ ‎‏أخبار العلاج بمرجّحات الصدور: هو إمّا التعبّد بالصدور، أو التعبّد بعدمه، ویبعد عند‏‎ ‎‏العرف التعبّد بالصدور من جهة، وعدمه من جهة اُخری، وإن لم یمتنع ذلک عقلاً.‏

ففیه :‏ أنّ قوله ‏‏علیه السلام‏‏ : (‏خذ بأوثقهما)‎[2]‎‏ لیس أمراً بالحکم بصدوره بتمام‏‎ ‎‏مضمونه؛ حتّی یقال: إنّ لازمه فرض تعدّد السند والصدور، بل لیس معناه إلاّ الأمر‏‎ ‎‏بترتیب الأثر علیه والعمل به؛ من حیث إنّه أحفظ وأضبط لِقیود الکلام، وإنّه أقلّ‏
‎[[page 515]]‎‏اشتباهاً وخطأً من الآخر، فیُؤخذ بتمام مضمون أحد الخبرین وبعض مضمون الآخر.‏

وبالجملة :‏ بعد العلم بخطأ أحدهما فی النقل بالنسبة إلی مادّة الافتراق، یدور‏‎ ‎‏الأمر بین خطأ الأوثق فی حفظ قیود الکلام وضبطها، وبین خطأ غیره، فلا مانع من‏‎ ‎‏التعبّد بصدور خبر الأوثق بجمیع مضمونه ؛ بمعنی ترتّب الأثر علیه والتعبّد بصدور‏‎ ‎‏الآخر بالنسبة إلی بعض مضمونه.‏

فالحقّ :‏ جریان جمیع المرجّحات فی العامّین من وجه؛ بناءً علی شمول أخبار‏‎ ‎‏التعارض والعلاج لهما.‏

‏إذا عرفت ذلک کلّه فلنشرع فی البحث فی أصل المطلب فی المقام، وفیه مقامان:‏

‎ ‎

‎[[page 516]]‎

  • )) فوائد الاُصول 4 : 792 ـ 794 .
  • )) عوالی اللآلی 4 : 133 / 229 ، مستدرک الوسائل 17 : 303 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 9 ، الحدیث 2 .

انتهای پیام /*