الاستصحاب

الأمر السابع : حول تقدّم أصالة الصحّة علی الاستصحاب

کد : 150244 | تاریخ : 18/02/1394

الأمر السابع : حول تقدّم أصالة الصحّة علی الاستصحاب

‏ ‏

‏هل تتعارض أصالة الصحّة مع الاستصحاب مطلقاً، أو أنّه فرق بین الاُصول‏‎ ‎‏الموضوعیّة والحکمیّة فی ذلک؟‏

قال الشیخ الأعظم ‏قدس سره‏‏ ما محصّله :‏‏ لا إشکال فی تقدّم أصالة الصحّة علی مثل‏‎ ‎‏استصحاب عدم النقل ونحوه، لو شکّ فی صحّة البیع الصادر من الغیر؛ لأنّها ترفع‏‎ ‎‏الشکّ فی موضوع الاستصحاب المذکور تعبّداً؛ لأنّ الشکّ فی الانتقال مسبّب عن‏‎ ‎‏الشکّ فی صحّة العقد وعدمه، وأنّه جامع لشرائطها وعدمه، وبأصالة الصحّة یُحرَز‏‎ ‎‏ذلک.‏

‏وأمّا مثل أصالة عدم البلوغ أو عدم اختیار البائع، ففی تقدیم أصالة الصحّة‏‎ ‎‏علیه وعدمه إشکالٌ؛ لأنّه کما یقتضی أصالة الصحّة کون العاقد بالغاً، کذلک یقتضی‏‎ ‎‏استصحاب عدم البلوغ عدمه؛ لأنّ العقد أمر وجدانیّ، والشکّ إنّما هو فی بلوغ العاقد،‏‎ ‎‏فیستصحب عدمه، ویترتّب علیه عدم الانتقال، فیتعارضان.‏

ثمّ أورد علیه :‏ بأنّ الموضوع للحکم بعدم الانتقال هو عدم صدور العقد من‏‎ ‎‏البالغ وهو مورد الاستصحاب، لا صدور العقد عن غیر البالغ، فلا أثر لأصالة عدم‏‎ ‎‏البلوغ المقتضیة لعدم سببیّة العقد المذکور للانتقال؛ حتّی تعارض أصالة الصحّة‏‎ ‎‏المقتضیة لسببیّة العقد للانتقال، وأصالة الصحّة تثبت تحقّق العقد من البالغ، ولا‏‎ ‎‏معارضة فی الظاهر بین عدم سببیّة هذا العقد ـ الذی هو مقتضی الاستصحاب ـ وبین‏‎ ‎‏وقوع العقد الصادر من البالغ الذی یقتضیه أصالة الصحّة؛ لأنّه من قبیل معارضة‏‎ ‎‏المقتضی مع اللامقتضی‏‎[1]‎‏. انتهی.‏


‎[[page 425]]‎أقول :‏ لقائل أن یقول : إنّ ما ورد فی النصّ والفتوی: هو أنّ الصبیّ عمده‏‎ ‎‏وسهوه سواء، وحینئذٍ فیمکن أن یقال: إنّ الموضوع لأثر النقل والانتقال هو صدور‏‎ ‎‏العقد من البالغ.‏

ثمّ ما أفاده :‏ من استصحاب عدم صدور العقد من البالغ: إن أراد استصحاب‏‎ ‎‏أصل العدم بنحو الکلّی فلایفید، وإن أراد به استصحاب عدم صدور هذا العقد الخاصّ‏‎ ‎‏من بالغ، فلیس له حالة سابقة.‏

وأمّا ما أفاده أخیراً : ‏من أنّه من قبیل معارضة المقتضی مع اللاّمقتضی.‏

ففیه :‏ أنّ الاستصحاب أیضاً مقتضٍ لعدم الانتقال، فهو من قبیل معارضة‏‎ ‎‏المقتضِیین.‏

والتحقیق فی المقام :‏ ما عرفت سابقاً : من أنّ الدلیل علی أصالة الصحّة هو‏‎ ‎‏بناء العقلاء، وهو دلیل لبّیّ لا لسان له، فلیس المقام مقام الشکّ السببی والمسبّبی،‏‎ ‎‏وملاحظة حکومتها علی الاستصحاب أو العکس؛ لما تقدّم: من أنّ ذلک مختصّ‏‎ ‎‏بالدلیلین اللفظیّین، وما نحن فیه لیس کذلک.‏

وتوهّم :‏ اختصاص أصالة الصحّة بالمتدیّنین بدین الإسلام فی غایة الفساد؛ لما‏‎ ‎‏نشاهد بالعیان من بناء غیر المتدیّنین علیها أیضاً، وإن لم تکن باسمها ورسمها فیما بینهم،‏‎ ‎‏فإذا کان الدلیل علی أصالة الصحّة هو بناء العقلاء علیها، فالذی هو فیما بینهم هو‏‎ ‎‏ترتّب آثار الصحّة فی فعل الغیر من العقد وغیره، وأمّا أنّ بناءهم علی ذلک مستند إلی‏‎ ‎‏تحقّق السبب ووجوده أوّلاً، ثمّ ترتّب المسبّب، فلم یثبت ذلک، بل الثابت بینهم هو‏‎ ‎‏مجرّد ترتیب الآثار، وحینئذٍ فلیس المقام مقام الشکّ السببی والمسبّبی، وتقدّم بیان‏‎ ‎‏عدم الفرق ـ فی جریان أصالة الصحّة ـ بین أقسام الشروط وأجزاء العقد، سوی‏‎ ‎‏المقوّمة له منها، فبمجرّد الشکّ فی الانتقال وعدمه ـ من جهة الشکّ فی اجتماع جمیع‏‎ ‎‏شرائط العقد وعدمه ـ یجری أصالة الصحّة، وبها یرتفع الشکّ، ولا مجال‏
‎[[page 426]]‎‏للاستصحاب ـ حینئذٍ ـ أصلاً حتّی یقال: إنّه معارَض بأصالة الصحّة فی بعض الصور‏‎ ‎‏دون بعض، بل الذی یمکن أن یبحث عنه: هو أنّ استصحاب عدم الانتقال هل یصلح‏‎ ‎‏للرادعیّة عن هذا البناء العقلائی، أو لا؟‏

والحقّ :‏ عدم صلاحیّته لذلک؛ لافتقاره إلی بیانٍ أوفی من ذلک ، بل لایبقی ظنّ‏‎ ‎‏ولا شکّ عند العقلاء فی موارد جریان أصالة الصحّة؛ حتّی یجری فیه الاستصحاب،‏‎ ‎‏ولهذا لایصلح قوله تعالی : ‏‏«‏إِنَّ الظَّنَّ لایُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً‏»‏‎[2]‎‏ للرادعیّة عنها وعن‏‎ ‎‏مثل العمل بخبر الثقة والید ونحوهما، ولاینقدح ذلک فی أذهان العرف والعقلاء.‏


[[page 427]]

‎ ‎

‎[[page 428]]‎

  • )) فرائد الاُصول : 421 سطر 3 .
  • )) النجم (53) : 28 .

انتهای پیام /*