کلام بعض المحقّقین وما یرد علیه
لکن ذکر بعض المحقّقین ـ الفقیه الهمدانی قدس سره ـ : أنّ قاعدة الفراغ بعد العمل فی العبادات والمعاملات ممّا استقرّ علیها السیرة القطعیّة العقلائیّة، وإلاّ لما قام للمسلمین سوق ولا نظام، وأنّه لو بُنی علی الاعتناء بالشکّ فی الأعمال السابقة ولزوم إعادتها أو قضائها، یلزم الاختلالُ فی النظام والمعاش والعسرُ والحرجُ الشدیدان؛ لندرة العلم بصحّة الأعمال السابقة، وکثرة الشکّ فی صحّتها وغلبته.
فظهر من ذلک : عدم انحصار النکتة والحکمة فی الأذکریّة والأقربیّة إلی الحقّ؛ لعدم استفادة العلّیّة المنحصرة من الأخبار، بل العمدة هو لزوم العسر والحرج، وحینئذٍ فیؤخذ بالعمومات والإطلاقات الواردة فی الأخبار، ویحکم بشمولها لجمیع الأقسام، حتی صورة الجهل بالحکم والموضوع وسائر الأقسام المتقدّمة. انتهی ملخّص کلامه قدس سره.
أقول : قد ظهر ممّا ذکرنا : الإشکال فیما ذکره قدس سره؛ إذ لیس المراد تقیید المطلقات بذلک، بل المراد أنّ ما ذکره : من الأذکریّة والأقربیّة إلی الحقّ ـ مع ارتکازهما فی أذهان العرف والعقلاء ـ مانع عن انعقاد الإطلاق والعموم فی الأخبار رأساً وابتداءً.
وأمّا لزوم العسر واختلال النظام فهو أیضاً ممنوع .
توضیح ذلک : أنّ الوجوه المتصوّرة للشکّ فی الأعمال السابقة کثیرة، وعرفت أنّ العُمدة منها هو أنّ المکلّف : إمّا عالم بالحکم والموضوع حین العمل، ولکن یحتمل ترک جزء أو شرط سهواً أو غفلة، وإمّا جاهل بهما أو بأحدهما حینه، وإمّا یجهل حاله من العلم والجهل.
[[page 395]]وتقدّم : أنّ الصورة الاُولی مشمولة للقاعدة، وهی القدر المتیقّن منها.
وأمّا الثانیة فلا تعمّها القاعدة.
وأمّا من لا یعلم حاله حین العمل من العلم والجهل: فإمّا أن یکون ذلک فی العبادات، وإمّا فی المعاملات، وعلی الأوّل: فإمّا هو فی العبادات الموقّتة، مثل صوم شهر رمضان والصلوات الیومیّة، وإمّا فی غیر الموقّتة کالخمس والزکاة.
والعمل الغیر العبادی، مثل المعاملات: إمّا صادر منه بالمباشرة، أو من غیره بالتوکیل.
[[page 396]]