الأمر الثالث: فی الأثر المترتب علی الأعمّ من الوجود الواقعی
والظاهری
قال فی «الکفایة» : إنّ الأثر الشرعی الذی یترتّب علی واقع المستصحب یترتّب علی المستصحب، وکذلک الآثار الشرعیّة التی تترتّب علیه بواسطة الأثر
[[page 198]]الشرعی، وأمّا الآثار العقلیّة أو الشرعیّة المترتّبة علی المستصحب بواسطة الأثر العقلی فلاتترتّب علیه.
وما یترتّب علی الحکم الشرعی الأعمّ من الواقعی والظاهری، فهو أیضاً مترتّب علی استصحابه وإن کان عقلیّاً، مثل صحّة العقوبة علی المخالفة ووجوب الموافقة وحرمة المخالفة العقلیّتین؛ لأنّ موضوع تلک الأحکام العقلیّة محرَز بالاستصحاب حینئذٍ قطعاً، فکما تترتّب هذه الآثار علی حکم الله الواقعی، کذلک تترتّب علی حکم الله الظاهری أیضاً. انتهی.
أقول : ما ذکره ـ من عدم کون الاستصحاب مثبِتاً بالنسبة إلی هذه الأحکام العقلیّة ـ صحیح، لکن لا لما ذکره قدس سره ، فإنّ الأحکام الظاهریّة کالثابتة بالاستصحاب وخبر الواحد ونحوه أحکام طریقیّة عقلائیّة، أو من قبیل وجوب الاحتیاط للتحفّظ علی الواقع وإحرازه؛ لیس لها ـ بما هی ـ وموافقة واستحقاق عقوبة، بل وجوب موافقتها وحرمة مخالفتها عقلاً إنّما هو لأجل کشفها عن الواقع وعدم العذر فی مخالفة الواقع بترک العمل بها مع إصابتها للواقع؛ بحیث لولا أصلیة له، لا وجوب للموافقة ولا حرمة للمخالفة، ولا استحقاق للعقوبة، فالواجب فی الحقیقة هو موافقة الحکم الواقعی الذی یحرم مخالفته بلا عذر، ویستحقّ العقوبة علیها، نظیر وجوب الاحتیاط شرعاً أو عقلاً فی موارد الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالی، فإنّ وجوب الموافقة فی جمیع تلک الموارد، إنّما هو لقیام الحجّة والبیان وانقطاع العذر وعدم جریان البراءة الشرعیّة والعقلیّة ، فعدم کون الاستصحاب مثبِتاً بالنسبة إلی المذکورات إنّما هو لما ذکرناه، لا لما ذکره: من أنّ تلک الآثار للأعمّ من الحکم الظاهری والواقعی، فتدبّر.
[[page 199]]
[[page 200]]