أدلّة القول بالفرق بینهما
قد یقال بالفرق، واستدلّ علیه بوجوه :
الأوّل : انصراف أدلّة نفوذ العقود إلی العقدی منها.
وهذا الاستدلال قد تقدّم فی بحث المعاطاة، وقلنا : إنّه لو تمّ الانصراف فلابدِّمن الانصراف إلی المعاطاتی منها، فإنّها المتعارف فی العقود، ولکنّ الانصراف ممنوع.
الثانی : انصراف أدلّة نفوذ الفضولی إلی العقدی منه.
وفیه مضافاً إلی ما سبق فی الوجه الأوّل: أنّ الفضولی علی وفق القاعدة، فلانحتاج فی نفوذه إلی التمسّک بالأدلّة الخاصّة؛ حتّی یدّعی الانصراف فیها.
الثالث : ماذکره الشیخ رحمه الله وأجاب عنه : وهو أنّ التعاطی فی الفضولی محرّم، وهذا منافٍ لنفوذه.
وقد مرّ هذا الإشکال فی مطلق الفضولی، وأجبنا عنه بالمنع صغری وکبری، ولکن منع الصغری لایأتی هنا فإنّ القبض والإقباض تصرّف کما لایخفی، لکن ما ذکرنا فی منع الکبری، وهو عدم دلالة النهی علی الفساد، وأنّ
[[page 476]]متعلّق النهی التصرّف ومتعلّق النفوذ العقد، فیدخل فی مسألة الاجتماع، وأنّ متعلّق النهی ـ قبل الوجود والنفوذ ـ راجع إلی ما بعد الوجود، یأتی هنا، کما هو ظاهر.
ولکن لایخفی ما فی جواب الشیخ رحمه الله أخیراً: من أنّ النهی یقتضی عدم النفوذ مستقلاًّ، وأمّا بنحو جزء المؤثّر فلا.
الرابع : ما ذکره المحقّق النائینی رحمه الله : وهو أنّه أمّا علی الإباحة فلأنّ الإباحة المؤثّرة هی التسلیط المالکی، لا تسلیط غیره، وأجازةُ المالک تسلیطَ الغیر هی بنفسها مؤثّرة، لا لکونها إجازة لإباحة الغیر؛ لأنّ العقود الإذنیّة والاُمور المتقوّمة برضا المالک، لا تتوقّف علی سبب خاصّ، فإجازة الإباحة هی بنفسها إباحة، ومحلّ النزاع فی الفضولی هو ما کانت الإجازة قابلة للنزاع فی الکشف والنقل فیها.
وأمّا بناء علی الملک فلأنّ الفعل الواقع من الفضولی ، لایعنون إلاّ بعنوان الإعطاء والتبدیل المکانی، وأمّا تبدیل طرف الإضافة، فمصداقه: إمّا إیجاد المادّة بالهیئة، وإمّا فعل المالک، فإنّه حیث یقع فی مقام البیع أو الشراء، یعنون بالعنوان الثانوی بتبدیل طرف الإضافة، والفرق بینه وبین القول: هو أنّه یمکن انفکاک حاصل المصدر من المصدر فی الإنشاء القولی، فإذا أجاز المالک وأسنده إلی نفسه وقع له، وأمّا الفعل فاسم المصدر منه لاینفکّ عن مصدره؛ بمعنی أنّه لیس للإعطاء اسم مصدر غیر العطاء، وهذا لاینفکّ عنه، وبإجازة المالک لاینقلب عمّا وقع علیه. انتهی موضع الحاجة من کلامه.
[[page 477]]