عقــد البیع وشرائطه

کلام المحقّق النائینی فی المقام ونقده

کد : 150865 | تاریخ : 25/02/1394

کلام المحقّق النائینی فی المقام ونقده

‏ ‏

‏ثمّ إنّ للمحقّق النائینی ‏‏رحمه الله‏‏ کلاماً فی المقام، نذکره إجمالاً مع الإشارة إلی ما‏‎ ‎‏فیه. ذکر فی مقام الردّ علی ماذهب إلیه الشیخ ‏‏قدس سره‏‏ ـ من کفایة الرضا الباطنی فی‏‎ ‎‏خروج العقد عن الفضولیّة ـ : بأنّ الرضا غیر کافٍ فی ذلک، فإنّ المعتبر فی تصحیح‏‎ ‎‏العقد هو الاستناد إلی المالک، وهو أمر إنشائیّ یحتاج إلی الإبراز‏‎[1]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّه لو کان المراد بالاستناد صیرورة العقد عقد المالک؛ بحیث یصحّ أن‏‎ ‎‏یقال: إنّه فعله، فبطلانه ظاهر، ولو کان المراد منه مجرّد الربط بالمالک فهو حاصل‏‎ ‎‏بنفس الرضا، مع أنّ کون الاستناد أمراً إنشائیّاً لا محصّل له، کما لایخفی.‏

وذکر ‏رحمه الله‏‏ فی مقام بیان کون الفضولی موافقاً للقاعدة مع اعتباره الاستناد: أنّ‏‎ ‎‏المعتبر استناد المسبّب إلی المالک ـ والمسبّب هو الأثر المترتّب بنظر العقلاء ـ لا‏‎ ‎‏السبب ـ وهو العقد الإنشائی ـ حتّی یقال : لاینقلب الشیء عمّا وقع علیه؛ لعدم‏‎ ‎‏الدلیل علی اعتبار استناد الأسباب إلی المالک‏‎[2]‎‏.‏


‎[[page 425]]‎وفیه :‏ أنّه لو کان دلیل نفوذ المعاملة بناء العقلاء، فمع حصول الأثر بنظرهم،‏‎ ‎‏یکون اعتبار استناد الأثر إلی المالک لغواً، ولو کان الدلیل العمومات نظیر ‏‏«‏أَوْفُوا‎ ‎بِالْعُقُودِ‏»‏‎[3]‎‏ «بمعنی العقد المستند» ، فالتمسّک بها لإثبات النفوذ ـ بناء علی ما ذکره‏‎ ‎‏ـ دوریّ؛ لأنّه مالم یحصل الأثر ولم یثبت الاستناد، لم یمکن التمسّک بالعموم‏‎ ‎‏لإثبات حصول الأثر، فالصحیح عدم اعتبار الاستناد؛ لا فی السبب لعدم الدلیل‏‎ ‎‏علیه وعدم الإمکان فی بیع الوکیل، ولا فی المسبّب لما ذکر من الإشکال العقلی،‏‎ ‎‏مضافاً إلی عدم الدلیل علی اعتبار الاستناد کما مرّ. نعم، غایةُ مایمکن أن یدّعی‏‎ ‎‏انصرافُ الأدلّة عن العقد الغیر المرتبط بالمالک بوجه، لکن مع حصول الارتباط‏‎ ‎‏بوجه، مثل وقوع العقد علی ماله وحصول الرضا مقارناً أو متأخّراً، فتشمله الأدلّة،‏‎ ‎‏ولا وجه لدعوی اعتبار أمر زائد علی ذلک، فکیف إذا حصلت الإجازة من المالک؟!‏

والمتحصّل من جمیع ذلک :‏ أنّ التمسّک بالأدلّة العامّة لإثبات صحّة الفضولی،‏‎ ‎‏لایحتاج إلی مؤونة زائدة علی التمسّک بها لإنفاذ معاملة الأصیلین.‏

وممّا ذکرنا :‏ ظهر خروج العقد المقرون برضا المالک واقعاً ـ ولو صدر من‏‎ ‎‏غیر المالک ولم یبرز المالک رضاه بإنشاء أو غیره ـ عن العقد الفضولی، بل علی‏‎ ‎‏مسلکنا فی القبول أیضاً یکفی رضا القابل بذلک بلا حاجة إلی الإبراز والإنشاء؛ کلّ‏‎ ‎‏ذلک لما مرّ من تحقّق حقیقة العقد، ویکفی فی إنفاذه نفس تحقّق الرضا من المالک؛‏‎ ‎‏لعدم الدلیل علی أزید من ذلک بعد شمول الإطلاقات له.‏

ثم ذکر ‏رحمه الله‏‏ أثناء کلامه فی هذا المقام :‏‏ أنّه یعتبر فی صحّة الفضولی بالإجازة‏‎ ‎‏أمران:‏

أحدهما :‏ عدم کون الفعل علّة تامّة لتحقّق أثره.‏

وثانیهما :‏ عدم کون إجازة المجیز علّة تامّة لتحقّق أثرها.‏


‎[[page 426]]‎‏وبمقتضی الأمرالأوّل تخرج جملة من الإیقاعات عن عنوان الفضولی، کالقبض‏‎ ‎‏والإقباض وإعطاء الدین، بل إعطاء الخمس والزکاة لو قیل بجریان التبرّع فیهما،‏‎ ‎‏وبمقتضی الأمر الثانی تخرج العقود الإذنیة، کالوکالة فی التصرّف والعاریة والودیعة،‏‎ ‎‏وجملة الإیقاعات، کالفسخ والإجازة والإبراء والجُعالة بناء علی کونها منها، فإنّ‏‎ ‎‏إجازة هذه بنفسها تکون وکالة وعاریة وودیعة وفسخاً وإجازة وإبراء وجعلاً‏‎[4]‎‏.‏

وما ذکره‏ من الکبری وإن کان صحیحاً، إلاّ أنّه لا مصداق لها وشیء من‏‎ ‎‏الأمثلة المذکورة لایکون مصداقاً لذلک.‏

‏أمّا القبض والإقباض فی الکلّیّات، فحیث لا یتعیّن الکلّی إلاّ بوقوع القبض‏‎ ‎‏والإقباض من أهله، یمکن تصویر الفضولیّة فیه، فلو أقبض الفضولی المشتریَ من‏‎ ‎‏مال البائع مصداق ما باعه کلّیّاً أو قبض الفضولی من البائع ذلک، فالأوّل یحتاج إلی‏‎ ‎‏إجازة البائع، والثانی إلی إجازة المشتری، وهذا ظاهر. وأمّا فی الشخصیات فقبض‏‎ ‎‏الفضولی فیها أیضاً متوقّفة علی الإجازة، وأمّا إقباض الفضولی فلایحتاج إلی‏‎ ‎‏الإجازة، لا لما ذکره، بل لعدم أثر للإقباض حتّی یحصل بالإجازة، والأثر یترتّب‏‎ ‎‏علی القبض، وهو لیس فضولیّاً.‏

‏وأمّا إعطاء الدَّین والخمس والزکاة، فالتبرّع بذلک عن ملک نفس المتبرّع‏‎ ‎‏خارج عن البحث والفضولیّة، والبحث إنّما هو فی إخراج ذلک من مال المالک،‏‎ ‎‏وعلیه لم لاتجری الفضولیة فیها؟!‏

وأمّا ما ذکره :‏ من أنّ الإجازة فی العقود الإذنیة والإیقاعات المذکورة، بنفسها‏‎ ‎‏علّة تامّة لتحقّق أثرها، فلا محصّل له، أمّا العقود الإذنیة فقد مرّ فی بعض المباحث‏‎ ‎‏السابقة: أنّه لو کان المراد من ذلک أنّ هذه العقود بنفسها إذن، ولا تزید عن حقیقة‏‎ ‎‏الإذن بشیء، فهذا ظاهر البطلان، فإنّ الإذن شیء والعاریة والودیعة ـ مثلاً ـ شیء‏
‎[[page 427]]‎‏آخر، والأوّل إیقاع، والثانی عقد، ولذا لو لم یقبل المأذون له، بل ردّ الإذن یصحّ له‏‎ ‎‏التصرّف، وأمّا فی هذه العقود فلو لم یقبل القابل فیها لم یصحّ له التصرّف.‏

‏ولو کان المراد من ذلک أنّها مشتملة علی الإذن، فمضافاً إلی أنّها خلاف‏‎ ‎‏التحقیق لما ذکرنا من تغایر المفهومین، وجواز التصرّف من لوازم هذه العقود‏‎[5]‎‏،‏‎ ‎‏لامانع من جریان الفضولیّة فیها، فإنّ إنشاء العاریة من الفضولی نظیر إنشاء البیع من‏‎ ‎‏الفضولی، والإجازة ترجع إلی إنفاذ ذلک المنشأ، ولا معنی لأن یقال: الإجازة عاریة،‏‎ ‎‏بعدما ظهر من تغایر مفهوم الإذن والعاریة ورجوع الإجازة إلی إنفاذ ما سبق. ولعلّ‏‎ ‎‏هذا فی غایة الظهور، فلا محصّل للتعبیر عن هذه العقود بالعقود الإذنیة.‏

‏وقد ظهر من ذلک ما فی أمثلة الإیقاعات، فإنّ الإجازة شیء والإبراء شیء‏‎ ‎‏کما لایخفیٰ، فیمکن تصویر الفضولیّة فی جمیع ما ذکره من الأمثلة.‏

والمتحصّل ممّا مرّ اُمور :

‏1‏‏ ـ عدم الفرق بین الإیقاعات والعقود بأنواعها فی قبولهما الفضولیّة.‏

‏2‏‏ ـ کفایة الرضا الباطنی فی خروج العقد عن الفضولیّة، وفی إجازة العقد‏‎ ‎‏الواقع فضولاً، بل وفی قبول العقد بلا حاجة إلی الإنشاء.‏

‏3‏‏ ـ إنّ صحّة العقد الفضولی موافقة للقاعدة نظیر غیر الفضولی، وشمول أدلّة‏‎ ‎‏النفوذ لکلا العقدین، علی نحو واحد وطَرْز فارد بلا أیّ فرق بینهما.‏

‎ ‎

‎[[page 428]]‎

  • )) منیة الطالب 1 : 209 ـ 210 .
  • )) منیة الطالب 1 : 213 / سطر 5 .
  • )) المائدة 5 : 1 .
  • )) منیة الطالب 1 : 212 / سطر 18 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 211 .

انتهای پیام /*