عقــد البیع وشرائطه

الإتیان بعدّة أفراد عند الإکراه علی الطبیعة

کد : 150928 | تاریخ : 25/02/1394

الإتیان بعدّة أفراد عند الإکراه علی الطبیعة 

‏ ‏

‏ثمّ إنّه لوکان مکرَهاً علی نفس طبیعة البیع ـ علی نحو صرف الوجود ـ وأوجد‏‎ ‎‏الطبیعة بأفراد متعدّدة دفعة، فهل یقع کلّ منها علی صفة المکرهیّة، أو فرد معیّن منها،‏‎ ‎‏أو غیر معیّن، أو لا یقع ؟ فلنقدّم الکلام فی تحقیق المسألة فی التکالیف الشرعیّة.‏

‏فلو تعلّق الأمر بالطبیعة علی ذلک النحو، وأوجد المکلّف أفراداً منها، فهل‏‎ ‎


‎[[page 389]]‎‏یکون کلّ من ذلک امتثالاً، أو هنا امتثال واحد بفرد معیّن، أو غیر معیّن، أو‏‎ ‎‏بالمجموع، أو بالجامع، أو لا یکون امتثالاً؟‏

‏لا إشکال فی حصول الامتثال حینئذٍ کما یشهد به الوجدان، والامتثال بفرد‏‎ ‎‏معیّن ترجیح بلا مرجّح، والفرد الغیر المعیّن لا وجود له، والمجموع لم یتعلّق به أمر،‏‎ ‎‏فیدور الأمر بین أمرین: إمّا أن یقال بحصول الامتثالات بعدد الأفراد المتحقّقة، أو‏‎ ‎‏الامتثال الواحد بالجامع.‏

فیمکن أن یقال :‏ إنّ الجامع بنعت الجامعیّة لا وجود له، بل الموجود هو الفرد،‏‎ ‎‏والطبیعة‏‎[1]‎‏ موجودة بوجوده، فالطبیعة الموجودة متکثّرة لا محالة، والجامع لا‏‎ ‎‏وجود له إلاّ بنعت الکثرة، فلا یمکن الالتزام بحصول امتثال واحد بالجامع لتکثّره،‏‎ ‎‏فهنا امتثالات بعدد تکثیر الطبیعة.‏

والتحقیق :‏ حصول امتثال واحد بالإتیان بالجامع وهو نفس الطبیعة.‏

بیان ذلک :‏ أ نّه قد مرّ آنفاً: أنّ الأمر المتعلّق بشیء لایمکن أن یسری إلی‏‎ ‎‏غیره والمفروض أنّ الأمر متعلّق بنفس الطبیعة. غایة الأمر أنّ الطبیعة فی نشأة‏‎ ‎‏لحاظها موجودة بنعت الوحدة، وفی نشأة تحقّقها قد توجد بنعت الکثرة، لکنّ امتثال‏‎ ‎‏الأمر المتعلّق بنفس الطبیعة هو الإتیان بنفس الطبیعة، وکما لم یؤخذ شیء من‏‎ ‎‏الکثرات والخصوصیّات المشخّصة وغیر ذلک فی متعلّق الأمر، کذلک شیء من ذلک‏‎ ‎‏غیر دخیل فی مقام الامتثال، بل عالم الامتثال مثل عالم تعلّق الأمر ـ وهو لحاظ‏‎ ‎‏الآمر متعلّق أمره ـ عالم التجرید عن جمیع الخصوصیّات عدا نفس الطبیعة. وفی‏‎ ‎‏المقام وإن وجدت أفراد متکثّرة دفعة فی مقام الامتثال، إلاّ أنّ ما به الامتثال إتیان‏‎ ‎‏نفس الطبیعة مجرّدة عن جمیع لواحقه، والوحدة والکثرة ـ وهما المساوقان‏‎ ‎


‎[[page 390]]‎‏للتشخّص ـ خارجان عن ذلک.‏

وبالجملة :‏ الامتثال قد تحقّق بالإتیان بنفس الطبیعة، غایة الأمر هنا وجدت‏‎ ‎‏نفس الطبیعة بنعت الکثرة، وهذا لایضرّ بوحدة الامتثال، فإنّ الإتیان بالطبیعة‏‎ ‎‏المتکثّرة غیر الإتیان بالمأمور به متکثّراً، بل هو الإتیان بالمأمور به ‏‏[‏‏القابل للتحقّق‏‎ ‎‏بنعت الوحدة «الشخصیّة» وبنعت الکثرة‏‏]‏‏ بنعت الکثرة، وما به الامتثال شیء مجرّد‏‎ ‎‏عن الوحدة «الشخصیّة» والکثرة، وهو نفس الطبیعة.‏

‏ویمکن تقریب الاستدلال بوجه أسهل: وهو أنّ الأمر الواحد المتعلّق بطبیعة‏‎ ‎‏لایقتضی إلاّ إیجاد متعلّقه؛ أی الإتیان بهذه الطبیعة، والطبیعة فی عالم لحاظها أمر‏‎ ‎‏واحد، ولا قید فیها حتّی لحاظها؛ لعدم إمکان لحاظ الطبیعة المقیّدة باللحاظ بنفس‏‎ ‎‏هذا اللحاظ، وفی هذه النشأة تتّصف بالکلیّة والجزئیّة، فإنّها هی القابلة للصدق علی‏‎ ‎‏کثیرین، أو لایقبل الصدق إلاّ علی الواحد، وهذا مراد من قال: بأنّ الطبیعة من حیث‏‎ ‎‏هی لیست إلاّ هی، لا مافهمه بعض: من أ نّها غیر قابلة للحوق خصوصیّة بها، ولذا‏‎ ‎‏بنی علی أنّ متعلّق الأمرِ الطبیعةَ مرآةٌ إلی ما فی الخارج‏‎[2]‎‏، وقد ذکرنا ما فی ذلک‏‎ ‎‏من الإشکال العقلی‏‎[3]‎‏، فالطبیعة فی هذا اللحاظ لیست إلاّ ذاتها، وقابلة للانطباق‏‎ ‎‏علی الواحد وعلی الکثیر فی الطبیعة الکلّیّة التی هی مفروض کلامنا، وحیث إنّ‏‎ ‎‏الامتثال هو الإتیان بالمأمور به، فیحصل امتثال الأمر بالطبیعة بإتیان هذه الطبیعة‏‎ ‎‏وإیجادها فی وعاء الأین کیف اتّفقت ولو متکثّرة؛ لصدق الطبیعة علی الواحد‏‎ ‎‏والکثیر کما مرّ.‏

‏نعم، الإتیان بالکثرات بهذا النعت لیس امتثالاً له، بل الامتثال هو الإتیان‏‎ ‎‏بنفس الطبیعة الموجودة بنعت الکثرة فی مفروض کلامنا هذا، مضافاً إلی ما ذکرنا‏‎ ‎


‎[[page 391]]‎‏سابقاً ـ فی وجه جریان الاستصحاب فی القسم الکلّیّ ـ من أنّ العقل وإن یحکم‏‎ ‎‏بتکثّر الطبیعة فی الخارج، إلاّ أنّ العقلاء یرونها أمراً واحداً قابلاً للبقاء وباقیاً فی‏‎ ‎‏بعض الموارد‏‎[4]‎‏، فإنّ الطبیعة بنظر العقلاء توجد بوجود فردٍ ما، وتنعدم بانعدام‏‎ ‎‏جمیع الأفراد، وباب الإطاعة والعصیان لیس من الأبواب الموکول فهمها إلی العقل‏‎ ‎‏الدقیق، بل فهمها موکول إلی عقل العرف، والمفروض أنّ العقلاء فی مقامنا یرون‏‎ ‎‏اشتراک الکثرات فی أمر واحد، وهو نفس الطبیعة التی بها حصل الامتثال بنظرهم.‏‎ ‎‏هذا فی باب التکالیف الشرعیّة.‏

‏وأمّا الإکراه علی طبیعة معاملةٍ، فمع إیجاد المکرِهِ الطبیعةَ فی ضمن أفراد، مع‏‎ ‎‏إمکان إیجاده فی ضمن فرد واحد، فهل تقع جمیع المعاملات باطلة، أو تصحّ‏‎ ‎‏جمیعها، وهکذا فی التکلیفیّات، أو هنا تفصیل بین الوضعیّات وغیرها؟‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 392]]‎

  • )) اُنظر نهایة الاُصول : 124، وتهذیب الاُصول 1 : 131. وللإمام الخمینی رحمه الله تقریرات مباحث اُصول المحقّق البروجردی قدس سره.
  • )) نهایة الأفکار 1 : 380 ـ 381 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 68 ـ 69 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 52 ـ 54 .

انتهای پیام /*