التحقیق فی فقه الروایة
والتحقیق أن یقال : إنّ تعلّق الظرف بالقیمة «أن یکون فیه الاختصاص» أو البغل، خلاف القواعد العربیّة والمحاورات العرفیّة، بل الظاهر تعلّقه بفعل أو شبه فعل، ولیس فی المقام إلاّ «نعم» القائم مقام ما هو المفروض فی کلام السائل فکأنّ العبارة هکذا: «لو عطب البغل أو نفق یلزمک قیمة بغل یوم خالفته» بمعنی أ نّه یلزمک یوم المخالفة قیمة البغل لو عطب أو نفق. فهذا المعنی التعلیقی یتعلّق بالعهدة ومبدؤه یوم المخالفة، ولیس هذا إلاّ ما ذکرنا من مفاد حدیث الید.
[[page 322]]فالمتحصّل من الروایة : أ نّه لابدّ من أداء قیمة یوم التلف؛ لأنّ القیمة المطلقة المعلّقة علی فرض التلف ظاهرة فی هذه القیمة، وقد مرّ ذلک فی دلیل الید.
هذا علی تقدیر عدم إضافة «البغل» إلی «الیوم» ، وأمّا علی تقدیر الإضافة فقد مرّ أنّ ظاهره لزوم أداء قیمة بغل یوم المخالفة، لا قیمة یوم المخالفة للبغل، ومع ضمّه إلی مفروض السؤال تنتج النتیجة السابقة، مع أنّ هذه القراءة غیر معهودة عرفاً کما سبق.
والحاصل : أنّ سؤال أبی ولاّد متکفّل بجهتین :
الاُولی : السؤال عن أصل الضمان.
والثانیة : ارتکاز السائل بأنّه علی تقدیر الضمان لابدّ من دفع قیمة یوم التلف، وهذه تستفاد من ظاهر التعلیق.
ثمّ إنّ الإمام علیه السلام أجاب عن الوجه الأوّل بثبوت الضمان، وقرّر الوجه الثانی ولم یردع عنه، فیستفاد من ضمّ الجواب إلی السؤال وماهو مرتکز السائل ـ المستفاد من ظهور الجملة التعلیقیّة فی السؤال ـ أنّ الضمان ثابت من یوم المخالفة، وأ نّه لو عطب أو نفق لابدّ من أداء القیمة، ووجه ذکر یوم المخالفة دفع احتمال أنّ مبدأ الحکم بالضمان یوم الأخذ، وإثبات أنّ مبدأه یوم الغصب والمخالفة نظیر مفاد حدیث الید.
وقد ظهر ممّا ذکرنا ما فی کلام المرحوم النائینی : من أنّ الصحیحة تدلّ علی أنّ المدار قیمة یوم الأخذ حتّی علی القول بتعلّق الظرف بـ «نعم»؛ بدعوی: أ نّه علی هذا الفرض تدلّ الصحیحة بالالتزام علی لزوم قیمة یوم المخالفة؛ لأنّ مالیّة المال إذا قدّرت بالقیمة یوم المخالفة، فلا محالة تکون القیمة قیمة ذلک الیوم؛ لأنّه لایعقل أن یکون الضمان بقیمة یوم المخالفة فعلیّاً، ویقدّر قیمة یوم مابعد المخالفة.
[[page 323]]وأنت خبیر بأنّ فرض تعلّق الظرف بـ «نعم» منافٍ للقول بتقدیر القیمة بیوم المخالفة، بل تصبح القیمة قیمة بقول مطلق، وتعلیقها بالتلف ینتج لزوم قیمة یوم التلف، کما مرّ تفصیله.
[[page 324]]