القول بقیمة یوم الأداء
وللمرحوم النائینی کلام فی المقام : وهو أنّ منشأ القول بلزوم أداء القیمة یوم الأداء أمران:
[[page 311]]الأوّل : أنّ العین الشخصیّة فی عهدة الضامن إلی زمان الأداء.
الثانی : أنّ قوام الشیء بمالیّته، وهو الرکن له، والمالیّة عبارة عمّا ینتفع به من غیر تقدیرها بقیمة، کعنوان ما یشبع عشرة أنفس فی الحنطة، وهذا المعنی یبقی إلی زمان الأداء.
وأشکل علی الأمر الأوّل، دون الثانی، وظاهره الرضا به.
والإشکال علی الأوّل :
أوّلاً : أنّ جعل الأداء غایة للضمان ملازم لاعتبار الضمان بما یمکن أداؤه، وشخص العین حین التلف لایمکن أداؤه، فلایعتبر الضمان به.
وثانیاً : أنّ الذمّة ظرف للکلیّات لاالخارجیّات.
وثالثاً : أنّ لازم ذلک: إمّا الالتزام بسقوط الضمان، وإمّا بعدم تعیّن قیمة یوم الأداء؛ لأنّ الخصوصیّة لو کانت مضمونة یسقط الضمان بالتلف، وإلاّ یلزم التکلیف بما لایطاق ، ولو لم تکن مضمونة فلا موجب لتعیّن قیمة یوم الأداء. انتهی ملخّصاً.
وفیه أوّلاً : أنّ منشأ هذا القول لیس منحصراً فی هذین الأمرین کما عرفت.
وثانیاً : أ نّا قد ذکرنا: أنّ أداء المثل أو القیمة نحو أداء للشیء عند العقلاء، وقد التزم به هو أیضاً قدس سرهفی الأمر الرابع، فیمکن اعتبار الشیء بخصوصیّته فی العُهدة، ولاینافی ذلک جعل الأداء غایة لضمانه؛ لإمکان أدائه ولو ببعض الأنحاء.
وأمّا ماذکره: من أنّ الذمّة ظرف للکلّیّات لاالخارجیّات فمخدوش من وجهین:
أوّلاً : لایلزم فی الضمانات أن تکون الذمّة ظرفاً للمضمون، بل یکفی تعلّق العُهْدة به، نظیر باب الکفالة حیث تعلّقت عهدة الکفیل بالشخص الخارجی.
وثانیاً : أنّ الخارج بخارجیّته ووجوده التکوینی غیر قابل لحصوله فی
[[page 312]]الذهن، إلاّ أنّ اعتبار الخارج فی الذهن لا محذور فیه أبداً.
وبما ذکرنا ظهر الجواب عمّا ذکره أخیراً، فإنّه یمکن الالتزام بأنّ الخصوصیّة مضمونة، ومع ذلک لایسقط الضمان بالتلف، ولیس التکلیف بالأداء من التکلیف بما لایطاق؛ لإمکان أدائه بمثله أو قیمته، وأداء المثل أو القیمة نحو أداء لذلک الشیء.
وأمّا ما ذکره من الأمر الثانی الذی قلنا : إنّ ظاهره رضاه قدس سره به، ففیه:
أوّلاً : أنّ قوام الشیء لیس بمالیّته، بل إنّما هو بجمیع الصفات الدخیلة فی رغبات العقلاء بالنسبة إلیه، بل مالیّة الشیء إنّما یعتبر بلحاظ هذه الصفات، فلایمکن دخلها فی قوام الشیء.
وثانیاً : أنّ المالیّة لیست عبارة عمّا ذکره، مع أنّ ما ینتفع به وما یشبع عشرة أنفس اللَّذینِ بهما فسّر المالیّة لایتلاءمان معها.
وثالثاً : أ نّه لو کان المضمون فی الحنطة ـ مثلاً ـ عنوان ما یشبع کما ذکره، فما وجه لزوم أداء الحنطة فی مورد ضمانها، بل یکفی أداء الشعیر أیضاً، فإنّه مصداق لهذا العنوان؟ ولو قیل: بأنّ المراد منه مصداق ما یشبع، وهو الحنطة، فهذا کرّ علی ما فرّ منه، وهو اعتبار الشخص فی العهدة، لا ما یقوّمه ، وهو المالیّة.
[[page 313]]