المعاطاة

کلام المحقّق الأصفهانی فی المقام ومناقشته

کد : 151157 | تاریخ : 26/02/1394

کلام المحقّق الأصفهانی فی المقام ومناقشته 

‏ ‏

‏وقد ذکر المحقّق الأصفهانی ‏‏قدس سره‏‏ : أنّه لو اُرید من السلطنة القدرة علی‏
‎[[page 172]]‎‏التصرّفات، فبقاء سلطنة المالک وإباحة المباح له فی التصرّف غیر متنافیین، فضلاً‏‎ ‎‏عن کون أحدهما دافعاً لموضوع الآخر.‏

‏وإن اُرید منها محجوریّة الغیر عن التصرّف فی المال ـ التی تکون من لوازم‏‎ ‎‏السلطنة لا نفسها ـ فلا یجری فیها الاستصحاب ، فإنّ المفروض أنّ المباح له لم‏‎ ‎‏یکن محجوراً فی التصرّف. نعم، استصحاب الجواز فی المقام جارٍ، فإنّه قبل زمان‏‎ ‎‏الشکّ یعلم بوجوده بالإجماع فیستصحب ، وهذا حاکم علی استصحاب الإباحة،‏‎ ‎‏فإنّ معنیٰ الجواز زوال الملک علیٰ تقدیر الرجوع، فتزول الإباحة بالرجوع‏‎[1]‎‏.‏

‏هذا ، وفیه : أنّه لیس معنی السلطنة تمامها القدرة علیٰ التصرّفات فقط، بل‏‎ ‎‏هی مع القدرة علی منع الغیر عن التصرّف فی ماله. قام الإجماع علی جواز تصرّف‏‎ ‎‏المباح له فی مال المالک من دون رجوع وأمّا مع الرجوع بعد ظرف الشکّ فلا یعلم‏‎ ‎‏بارتفاع تمام السلطنة فیستصحب.‏

‏وبعبارة اُخریٰ : قبل زمان الشکّ کان المالک قادراً علیٰ منع الغیر ومن الغیر‏‎ ‎‏المباح له، والآن کما کان، وهذا معنی استصحاب السلطنة. وأمّا استصحاب الجواز‏‎ ‎‏فقد تقدّم الکلام فیه وقلنا بأنّ الزوال عند الرجوع من الأحکام العقلیّة والعقلائیّة‏‎ ‎‏للجواز لا نفسه‏‎[2]‎‏ فلا یثبت باستصحاب الجواز تأثیر الرجوع وزوال الإباحة‏‎[3]‎‏.‏


‎[[page 173]]‎
‎[[page 174]]‎‏هذا تمام الکلام فیما إذا کانت العینان موجودتین .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 175]]‎

  • )) حاشیة المکاسب، الأصفهانی 1 : 49 / سطر 21 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 165 .
  • )) فتحصّل ممّا أفاده ـ مدّ ظلّه ـ : أنّه ـ مع قطع النظر عن التقریبات السابقة لاثبات اللزوم ـ مقتضی القاعدة التمسّک بإطلاق دلیل السلطنة، ومع قطع النظر عن ذلک استصحاب بقاء السلطنة یعارَض باستصحاب بقاء الإباحة.     ولیعلم أنّ شیئاً من التقریبات السابقة لا یتمّ، فإنّ مضمون العقد لیس إلاّ الملکیّة، ومن آثار الملکیّة جواز تصرّف من انتقل إلیه المال فیه، ولیس هذا من آثار العقد، والمفروض أنّ القصد أیضاً متعلّق بحصول الملکیّة، فمضمون العقد ـ وهو المقصود فی المعاطاة؛ أعنی الملکیة ـ غیر واقع بالاجماع، والتفکیک بین الملکیة ولوازمها لغو محض؛ لأنّه لا معنیٰ للتعبّد بعدم الملک مع بقاء لوازمه، فلابدّ إمّا من القول بالإباحة المالکیّة من جهة رضاه بجواز التصرّفات، أو القول بالإباحة الشرعیّة من جهة حکم الشارع بها مترتّبة علی المعاطاة وإن لم یقع مضمونها واقعاً، أمّا الأخیر فلا دلیل علیه، ولا یمکن التمسّک بها بأصالة اللزوم، وأمّا الأوّل فالرضا الفعلی لیس إلاّ الرضا المعاملی، والمفروض عدم وقوع المعاملة، والرضا التقدیری لا أثر له، مضافاً إلیٰ أنّه یختلف بحسب الموارد. ولا یمکن إثبات اللزوم بأدلّة اللزوم فی مورد الرضا التقدیری، وهذا ظاهر، فشیء من هذه التقریبات لا یتمّ.     وأمّا دلیل السلطنة فدلالته ظاهرة، ومع قطع النظر عن ذلک یمکن استصحاب بقاء السلطنة أیضاً، فإنّ المفروض أنّ المالک قبل ظرف الشکّ کان مسلّطاً علی الرجوع، والآن کما کان.     وتوهّم : أنّ هذا لایثبت الزوال عند الرجوع، فإنّه من الأصل المثبت.     مدفوع : بأنّ الزوال عند الرجوع حکم عقلائیّ، ولیس موضوع الحکم عندهم نفس الجواز واقعاً، بل یعمّ الواقع والظاهر، نظیر حکم العقل بلزوم الامتثال فی موارد استصحاب الأحکام، فمع التعبّد بتسلّط المالک علی الرجوع یحکم العقلاء بالزوال عند الرجوع ؛ لأنّ موضوع حکمهم ـ وهو التعبّد بالتسلّط أو الجواز ـ محرز بالوجدان، فافهم. فاستصحاب السلطنة حاکم علی استصحاب الإباحة بالتقریب المتقدّم، ومن هنا ظهرت تمامیّة ما ذکره الشیخ رحمه اللهمن حکومة استصحاب السلطنة علیٰ استصحاب الإباحة (المکاسب : 91 / سطر 1)، وتمامیّة ما ذکره المحقّق الأصفهانی رحمه الله أیضاً من حکومة استصحاب الجواز علی استصحاب الإباحة (حاشیة المکاسب، الأصفهانی 1 : 49 / سطر 29).     فالنتیجة : جواز المعاطاة علیٰ تقدیر الإباحة حتّیٰ بعد عروض ما یوجب الشکّ فیه، فإنّ الکلام فی الملزمات بعد تسلیم قیام الإجماع علی الجواز والإباحة.     بقی الکلام فی الفارق بین هذه المسألة وما سبق من المصنّف قدس سره ؛ أی المعاطاة المقصود بها الإباحة: حیث ذکر فی تلک المسألة أنّ الأقویٰ اللزوم، وبنیٰ علیٰ الجواز هنا لقاعدة السلطنة، أو إباحتها مع جریان هذه القاعدة فی السابقة أیضاً، وقد اعترض المرحوم النائینی رحمه الله علیٰ المصنّف بذلک (منیة الطالب 1 : 82 ـ 83)، والفرق بین المسألتین واضح؛ فإنّ ـ فی تلک المسألة ـ المفروض أنّ المقصود بالمعاطاة الإباحة، فعمومات لزوم العقد جاریة فیها، فیثبت اللزوم شرعاً، ومعه لا مجال للتمسّک بدلیل السلطنة، بخلاف المقام، فإنّ المقصود بها الملکولم یقع، وما وقع حکم جدید یثبت بالإجماع أو دلیل آخر غیر مرتبط بالعقد ومضمونه، فإنّه إمّا مستند إلی الرضا التقدیری بناء علی کونه مالکیّاً، أو حکم الشارع به بناء علی کونه شرعیّاً، وشیء من الأمرین غیر مرتبط بالعقد ، فإنّ الرضا الموجود فیها لیس إلاّ الرضا المعاملی، وقد ألغاه الشارع عن التأثیر ، فالعمومات غیر جاریة فی المقام، واستصحاب بقاء الإباحة قد عرفت ما فیه ، فلم یبقَ إلاّ استصحاب بقاء السلطنة علی الرجوع، أو استصحاب الجواز علی التقدیر المتقدّم. فالاعتراض المذکور غیر وارد علی المصنّف. والحمد لله ربّ العالمین. المقرّر حفظه الله .

انتهای پیام /*