الفرق بین الأحکام القانونیّة والشخصیّة
وهذا وأشباهه ـ ممّا صدر عن عدّة من الأعاظم ـ خلط بین الأحکام القانونیّة والشخصیّة، وقیاس الأُولیٰ بالثانیة، وکم فرقٍ بین المقامین! فإنّ فی الأحکام الشخصیّة البعث لا یمکن إلاّ مع إمکان انبعاث المکلّف بشخص التکلیف، بخلاف الأحکام القانونیّة، فإنّ إمکان البعث غیر موقوف علیٰ ذلک، بل غایته أنّه
[[page 128]]موقوف علیٰ إمکان البعث نحو الطبیعة؛ ولو کان بعض أشخاصه غیر قابل للامتثال، وهذا یظهر من ملاحظة تکلیف الکفّار والعصاة الّذین یُعلم بعدم انبعاثهم بالبعث وانزجارهم بالزجر، ولا یصحّ البعث الشخصیّ نحوهم، بخلاف البعث القانونیّ الشامل لهم ولغیرهم.
وبهذا البیان ذکرنا : أنّ العلم والقدرة لیسا من شرائط التکلیف، بل هما من شرائط التنجّز، وتفصیل الکلام فی محلّه.
ولذا ذکرنا فی محلّه : أنّ ما استدلّوا به ـ فی أنّ خروج بعض أطراف العلم الإجمالی عن محلّ الابتلاء من أوّل الأمر، یوجب انحلال العلم الإجمالی ـ : من لغویّة البعث نحو الخارج عن محلّ الابتلاء؛ لعدم إمکان البعث نحوه، لایرجع إلی محصّل، فإنّ عدم إمکان الانبعاث نحوشخص خارجیّ، لا یوجب لغویّة القانون، فإنّ مبادئ القانون اُمور مختصّة به، وما یصحّحه لیس إمکان الانبعاث نحو الأشخاص، بل إمکانه نحو الطبیعة ـ وإن لم یمکن نحو بعض الأشخاص ـ کافٍ فی تصحیحه.
ففی المقام جعل الخیار قانوناً للبیع، موقوف علیٰ عدم لغویّة هذا الجعل وإن کان فی بعض أشخاصه ـ کالمعاطاة ـ بلا أثر.
[[page 129]]