التحقیق فی مفاد الروایة
والتحقیق أن یقال : إنّ الظاهر من سؤال خالد بن الحجّاج «الرجل یجیء، ویقول اشترِ هذا الثوب ...؟» أنّه بصدد السؤال عن حکم الربح الحاصل من معاملة مبنیّة علیٰ المقاولة السابقة، وإلاّ فاحتمال أن یکون بصدد السؤال عن حکم التلفّظ بلفظ «اشتر...» ساقط جزماً، وهکذا بالنسبة إلیٰ حکم المقاولة، بل کأنّ خالد بن الحجّاج کان یعلم ببطلان بیع ما لیس عنده، ویسأل من الإمام علیه السلام عمّا إذا حصل الربح بمبادلة مبنیّة علیٰ مقاولة متقدّمة علی الشراء، وأجاب الإمام علیه السلام: بأنّ هذه المبادلة صحیحة نافذة ومحلّلة ومحرّمة؛ محلّلة بالنسبة إلیٰ کلّ من المتعاملین فی ما انتقل إلیه، ومحرّمة بالنسبة إلیٰ غیره. وأمّا سؤال الإمام «ألیس إن شاء ترک وإن شاء أخذ؟» فالظاهر أنّه بیان ما کان السائل بصدد السؤال عنه، وأنّ الربح لیس
[[page 120]]مستنداً إلیٰ المقاولة المتقدّمة .
والحاصل : أنّ الظاهر من السؤال والجواب قبل هذه الجملة، أنّ السائل بصدد استعلام حکم تحصیل الربح بمبادلة مبنیّة علیٰ مقاولة سابقة علی الشراء، والمفروض أنّ المشتری مختار فی هذه المبادلة المفروضة فی السؤال.
فأجاب الإمام علیه السلام : بأنّه لا بأس بذلک؛ فتکون مفاد هذه الجملة : أنّ الکلام ـ أی هذه المبادلة ـ محلّلة ومحرّمة، فلیست ناظرة إلیٰ بیان حکم ما قبل الشراء أبداً؛ حتّیٰ یقال فیه تلک الاحتمالات البعیدة الواضحة الفساد.
فَسَوْق الروایة ـ سؤالاً وجواباً ـ وعدم إمکان تطبیق هذه الجملة علیٰ غیر البیع الأخیر، أقویٰ شاهد لاختصاصها بذلک، وفساد البیع قبل الشراء وإن یستفاد من مفهوم الروایة، لکن لا من جهة تحریم الکلام، بل من جهة عدم وجود المحلّل، وهو الکلام.
وممّا ذکرنا ظهر : أنّه لا یمکن استفادة الکبریٰ والحصر من هذه الجملة، فإنّها فی مقام بیان صحّة البیع المفروض فی السؤال، وأنّه محلّل ومحرّم، لا حصر المحلّل والمحرّم بالکلام.
وأمّا سائر الروایات فعمدتها فی أبواب المزارعة، وتوجد فی غیرها أیضاً، لکن لایُجدی إطالة الکلام فیها، فإنّ عدم استفادة اعتبار اللفظ فیها ظاهر لایخفیٰ.
[[page 121]]