المعاطاة

المراد بالوفاء بالعقود

کد : 151348 | تاریخ : 26/02/1394

المراد بالوفاء بالعقود 

‏ ‏

‏وأمّا الوفاء بالعقد فی الآیة الکریمة، فالمراد به ـ کما یظهر من العرف واللغة ـ‏‎ ‎‏هو العمل بمقتضاه تامّاً‏‎[1]‎‏، وهذا إنّما یتحقّق بتسلیم العوضین وکون المتعاقدین‏‎ ‎‏ثابتین علیٰ ذلک؛ بأن لا یستردّ ما سلّمه إلیٰ الآخر عنه، ولازم ذلک صحّة العقد، وإلاّ‏‎ ‎‏لم یجب الوفاء به.‏

‏ودلالة الآیة علی اللزوم سیجیء الکلام فیها.‏

‏والمعاطاة ـ علیٰ ما تقدّم ـ عقد، ویتصوّر الوفاء بالمعنیٰ المذکور فیها بجمیع‏‎ ‎‏أقسامها؛ سواء وقع التعاطی من الجانبین، أو من جانب واحد، فیجب الوفاء بها،‏‎ ‎‏ولازم هذا صحّة المعاطاة.‏

إن قلت :‏ هذا إنّما یصحّ لو کان المراد من العقد العهد، وأمّا بناء علیٰ ما ذکر:‏
‎[[page 37]]‎‏من أنّه هو المعنیٰ المستعار عن العقدة، فلا معنیٰ لوجوب الوفاء به.‏

قلت :‏ الوفاء بذلک أیضاً متصوّر؛ باعتبار القول والقرار وتبانی الطرفین‏‎ ‎‏والتزامهما بما التزما به، فلا إشکال.‏

‏نعم، لابدّ من کون مدلول الآیة عامّاً حتیٰ یمکن التمسّک بها لإثبات ذلک،‏‎ ‎‏وظاهرها العموم. ولکن یستشکل فی ذلک بوجوه‏‎[2]‎‏:‏

‏أ ـ أنّ اللام فی العقود للعهد؛ بقرینة مسبوقیّة الآیة بتشریع المعاملات، فإنّها‏‎ ‎‏واقعة فی سورة المائدة، وهی آخر سورة نزلت علیٰ نبیّنا ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏، فالآیة ناظرة إلیٰ‏‎ ‎‏أنّ العقود السابقة لازم الوفاء، فلا عموم لها.‏

‏ب ـ لو سلّمنا العموم لزم من ذلک استعمال الآیة فی التأکید والتأسیس معاً،‏‎ ‎‏فإنّ بعض العقود قد شرّعت قبلها جزماً، وهذا أردأ من استعمال اللفظ فی أکثر من‏‎ ‎‏معنیً واحد.‏

‏ج ـ أنّ الاستعمال فی الآیة المبارکة استعمال مجازیّ استعاریّ ـ علیٰ ما مرّـ‏‎ ‎‏فلا عموم لها؛ لأنّ المعانی المجازیّة متکثّرة، فلا ظهور فی أحدها.‏

‏وفی الکلّ ما لا یخفیٰ، فإنّ المسبوقیّة بالذکر ـ لو سلّمت ـ لا تصلح للقرینیّة‏‎ ‎‏بعد ظهور الآیة فی العموم.‏

‏والتأکید والتأسیس لیسا قیدین للمستعمل فیه اللفظ، بل المستعمل فیه هو‏‎ ‎‏البعث فقط، والوصفان منتزعان منه باعتبار المسبوقیّة بالذکر وعدمها.‏

‏وکثرة المعانی المجازیّة لا توجب عدم العموم بعد ظهور الآیة فیه.‏

‏فالصحیح إمکان التمسّک بالآیة المبارکة لإثبات صحّة المعاملة المعاطاتیّة.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 38]]‎

  • )) لسان العرب 15 : 359، اُنظر عوائد الأیّام : 4 .
  • )) اُنظر عوائد الأیّام : 7 ـ 8 .

انتهای پیام /*