المبحث الثامن
حول قبول المجرّدات للتربیة
مقتضیٰ عموم تربیتـه للعالـمین أنّ کلّ ما فی الـعالـم قابل للتربیـة، فیکون جمیع الـموجودات الأمریّـة والـخلقیّـة، وتمام الأشیاء الإبداعیّـة والاختراعیّـة والـکائنـة، ممکنـة الـخروج من الـقوّة إلـیٰ الـفعلیّـة، وهذا یُنافی ما بُرهن علیـه فی الـکتب الـعقلیّـة، بل وفی طائفـة من الآثار الـعلویّـة من : أنّ طائفـة من الـموجودات والـمجرّدات الإبداعیّـة؛ سواء کانت مجرّدات صرفـة عقلیّـة، أو مجرّدات عن الـموادّ دون مقارناتها کالـمقدار ونحوه، والاختراعیّـة الـتی هی صاحبـة الـموادّ الأثیریـة ـ حسب ما توهّموه ـ لیست قابلـة لذلک، بل الـحرکـة مخصوصـة بالـعناصر لما فیها من الـموادّ الـحاملـة للإمکان الاستعدادی والـقوی الـمنتظرة.
فبالجملة : لا وجـه لأن یستکشف من مفهوم الـربّ خروج هذه
[[page 381]]الـطائفـة عن الآیـة، بل الـوجـه استفادة خروجها أیضاً من الـقوّة إلـیٰ الـفعل واندراجها فی ذیل الـکریمـة.
قلت : نعم لو کانت الـمسألـة غیر مبرهنـة فی محلّها، کان الأمر کما تحرّر، ویکفی للتخصیص حکم الـعقل، بل وما فی الـمآثیر من الـنقل، مثل هذه الـجملـة الـمعروفـة من «نهج الـبلاغـة» : «منهم سجود لا یرکعون، ورکوع لا ینتصبون» فلیتدبّر جیّداً.
وأمّا الاستکمال بمعنیٰ الـتجلّیات الـفعلیّـة والـجلوات الـذاتیّـة، فهی لیست من الاستکمال الاصطلاحی، وإلاّ یلزم استکمالـه تعالـیٰ أیضاً؛ لما لـه الـجلوات والاستکمالات. وما ورد من : أنّ الأئمّـة علیهم السلام یزدادون علماً لیلـة الـجمعـة، فهو یشتمل علیٰ رموز ودقائق ومن شاء فلیراجع «الـکافی».
وفی تلک الأخبار ما یصرّح بأنّهم فیها مسرورون، والـسرور والـبهجـة هی الـتجلّیات الـحاصلـة لهم، فلاتخلط.
[[page 382]]