تنبیه
قال ابن حیّان : الـعالَم لا مفرد لـه کالأنام، واشتقاقـه من الـعلم أو
[[page 343]]الـعلامـة، ومدلولـه کلّ ذی روح، قالـه ابن عبّاس، أو الـناس قالـه الـبجلی، أو الإنس والـجنّ والـملائکـة، قالـه أیضاً ابن عبّاس، أو الإنس والـجنّ والـملائکـة والـشیاطین، قالـه أبو عبیدة والـفرّاء، أو الـثَّقَلان قالـه ابن عطیّـة، أو بنو آدم قالـه أبو معاذ، أو أهل الـجنّـة والـنار، قالـه الـصادق علیـه الـصلاة والـسلام، أو الـمرتزقون قالـه عبد الـرحمٰن بن زید، أو کلّ مصنوع قالـه الـحسن وقتادة، أو الـروحانیّون قالـه بعضهم. انتهیٰ موضع الـحاجـة.
أقول: أوّلاً : لا معنیٰ للمفرد لـه؛ لأنّـه موضوع للعامّ الـمجموعیّ، لا الاستغراقیّ حتّیٰ یعتبر لـه الـمفرد.
وثانیاً : قد مرّ إنکار اشتقاقـه الـفعلی فی الاستعمال؛ وإن کان من الـمشتقّات فرضاً، مع أنّـه لیس وزن الـفاعل من الأوزان الـصرفیّـة الـمضبوطـة فی الـصرف للآلـة.
وثالثاً : لاینبغی الـخلط بین معناه الـموضوع لـه والـمراد من «الـعالَمین» فی الآیـة، وما استقصاه کلّـه راجع إلـیٰ مفاد الآیـة الـکریمـة الـشریفـة.
رابعاً : معناه بالـضرورة لیس أحد الـمذکورات؛ حسب الـتبادر ونصوص أهل الـلغـة، کما عرفت.
وما روی عن الـصادق علیه السلام: تارة بأنّ «الـعالَمین» هو الـناس فقط،
[[page 344]]واُخریٰ أهل الـجنّـة والـنار، متعارضان لأعمّیّـة الـثانی من الأوّل؛ لاشتمال الـجنّ، أو تکون الـنسبـة عموماً من وجـه؛ بناءً علیٰ کون جماعـة من الـناس فی موقف ثالـث خارج عن الـجنّـة والـنار، وسیأتی تحقیق الـمراد فی مقام آخر إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.
ثمّ إنّ «الـعالـمین» جمع الـعالـم فلابدّ وأن یعتبر لـه أقلّ الـجمع، وهی الـثلاثـة، فتفسیرها بطائفتین غیر جائز ، وباعتبار الآحاد یحتاج إلـیٰ الـمؤونـة الـزائدة، وحیث هو الـجمع الـمحلّیٰ بالـلام فیشمل جمیع الـعوالـم الـمناسبـة للربوبیّـة، کما سیظهر تحقیقـه.
[[page 345]]