سورة الفاتحة

الإعراب والنحو

الناحیة الثالثة : حول «اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ» والکلام فی ذلک یقع فی موقفین / المبحث الثالث : حول ما یتعلّق بالکلمات والجمل الناقصة وهنا یقع الکلام فی نواحٍ شتّیٰ :

کد : 152150 | تاریخ : 03/03/1395

الإعراب والنحو

‏ ‏

‏إن قرأناه علیٰ الـرفع فیکون الـمبتدأ وخبره محذوفین تعلّق بهما الـجار‏‎ ‎‏والـمجرور والـظرف مستقرّ ؛ أی الـحمد یکون للّٰه، أو ثابت لـه تعالـیٰ‏‎ ‎‏ومستقرّ لـه، أو یثبت للّٰه ویستقرّ لـه، ویمکن جعلـه ظرفاً لغواً؛ أی الـحمد‏‎ ‎‏اعتُبر واُنشئ للّٰه؛ أی ملکاً لـه تعالـیٰ، والـمتعیّن هو الأوّل.‏

‏وإن قرأناه علیٰ الـنصب فقیل: لابدّ من عامل تقدیره: أحمد اللّٰه، أو‏‎ ‎‏حمدتُ اللّٰه؛ لتخصیص الـحمد بتخصیص فاعلـه، وأشعر بالـتجدّد. ویکون فی‏‎ ‎‏حالـة الـنصب من الـمصادر الـتی حُذفت أفعالـها واُقیمت مقامها، وذلک فی‏‎ ‎‏الأخبار نحو شکراً لا کفراً. وقدّر بعضهم الـعامل للنصب فعلاً غیر مشتقّ من‏‎ ‎‏الـحمد؛ أی أقول: الـحمد للّٰه، أو الـزموا الـحمد للّٰه، کما حذفوه من نحو‏‎ ‎‏«الـلّهمّ ضَبْعاً وذئباً».‏

‏وقال ابن حیّان : «والأوّل هو الـصحیح لدلالـة الـلفظ علیـه، وفی قراءة‏‎ ‎‏الـنصب الـلام للتبین»‏‎[1]‎‏. انتهیٰ.‏


‎[[page 277]]‎‏أقول : هذا غیر معقول؛ لأنّ الـنصب لابدّ وأن یستند إلـیٰ عامل مذکور‏‎ ‎‏أو محذوف أو عامل معنویّ، کالابتداء ـ مثلاً ـ فی الـمبتدأ . فإذاً قیام الـمصدر‏‎ ‎‏مقام فعلـه لایکفی لنصبـه، فإنّ نفس الـقیام لایقتضی الـنصب. فما اشتهر غیر‏‎ ‎‏راجع إلـیٰ محصّل.‏

‏فالـحمد للّٰه، علیٰ الـنصب معناه: أحمد الـحمدَ للّٰه، وهذا بحسب‏‎ ‎‏الـدقّـة غیر صحیح؛ لأنّ الـحمد لایُحمد، ولکنّـه من قبیل قولهم: ‏«کلّ ذنبٍ‎ ‎أذنبتُهُ وکلّ خطیئةٍ أخطأتُها»‏، فإنّ الـمتکلّم یرید الاستغفار من کلّ ذنب‏‎ ‎‏ارتکبـه، ولایُعقل أن یجعل الـذنب هو، فأخذ مادّة الـذنب فی الـفعل لاتدلّ‏‎ ‎‏علیٰ شیء، والـهیئـة تدلّ علیٰ الـصدور؛ أی کلّ ذنب وخطیئـة أصدرتـه‏‎ ‎‏وأوجدتـه، فأحمد الـحمدَ للّٰه، أو اُوجد الـحمدَ للّٰه، واُخصّص الـحمد للّٰه...‏‎ ‎‏وهکذا ممّا یناسب مقصوده.‏

‏وإذا قرأناه علیٰ الـجرّ والـکسر فهو لأجل إتباع الـدالِ الـلامَ فی‏‎ ‎‏حرکتها‏‎[2]‎‏ وهذا هو الاکتساب من الـمجاورة، کما قیل فی قولـه تعالـیٰ:‏‎ ‎‏«‏وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ کُلَّ شَیءٍ حَیٍّ‏»‏‎[3]‎‏ فإنّ قضیّـة الـقواعد احتیاج الـفعل هنا‏‎ ‎‏إلـی مفعولین، فلو کان «حیّ» صفـة لشیء، یلزم کون «جعل» بمعنیٰ خلق،‏‎ ‎‏ویصیر من أقسام الـجعل الـبسیط، وهو خلاف الأصل فیـه، فالـمعنیٰ هکذا:‏‎ ‎‏جعلنا من الماء کلّ شیء حیّـاً، ولکنّـه مجرور بالـمجاورة فتأمّل.‏

‎ ‎

‎[[page 278]]‎

  • )) البحر المحیط 1 : 19 .
  • )) اُنظر الکشّاف 1 : 10، والبحر المحیط 1 : 18، والجامع لأحکام القرآن 1 : 136 .
  • )) الأنبیاء (21): 30 .

انتهای پیام /*