تنبیهات الاستصحاب

الأمر التاسع فی اختصاص القاعدة بالشکّ الحادث بعد التجاوز

کد : 152395 | تاریخ : 06/03/1394

الأمر التاسع فی اختصاص القاعدة بالشکّ الحادث بعد التجاوز

‏ ‏

‏موضوع هذه القاعدة الشکّ الحادث بعد التجاوز‏‏  ‏‏، وأمّا الحادث قبله المستمرّ‏‎ ‎‏إلی ما بعد التجاوز فخارج عن موضوعها‏‏  ‏‏، وإثبات هذا المطلب لا یحتاج إلی‏‎ ‎‏بیان‏‏  ‏‏. وعلی هذا فلو شکّ فی الوضوء قبل الصلاة‏‏  ‏‏، ثمّ غفل واستمرّ الغفلة إلی أن‏‎ ‎


‎[[page 294]]‎‏صلّی‏‏  ‏‏، ثمّ التفت لا مجال لجریان القاعدة‏‏  ‏‏، سواء کانت الحالة السابقة هو الحدث‏‎ ‎‏أو الطهارة‏‏  ‏‏، وأمّا استصحاب الحدث أو الطهارة فقد یقال بجریانهما‏‏  ‏‏، ولکنّ‏‎ ‎‏التحقیق عدم جریانهما لا لعدم فعلیة الشکّ وتقدیریته‏‏  ‏‏، کما قد یتوهّم‏‏  ‏‏، بل لعدم‏‎ ‎‏کونه ملتفتاً إلیه‏‏  ‏‏، ویعتبر فی الاستصحاب مضافاً إلی فعلیة الشکّ وعدم کونه‏‎ ‎‏تقدیریاً کونه ملتفتاً إلیه‏‏  ‏‏، إذ الحجّیة الفعلیة بحکم العقل متوقّفة علی وقوع العمل‏‎ ‎‏مستنداً إلی الحجّة‏‏  ‏‏، وذلک یتوقّف علی الالتفات إلیها موضوعاً وحکماً‏‏  .‏

‏نعم‏‏  ‏‏، علی القول بالإجزاء فی الاُصول العملیة وانقلاب التکلیف بالنسبة إلی‏‎ ‎‏الشاکّ نحو انقلاب‏‏  ‏‏، لا یبعد القول بعدم الاحتیاج إلی الاستناد‏‏  ‏‏، فتأمّل‏‏  .‏

‏هذا کلّه إذا لم یحتمل وقوع الوضوء منه بعد الشکِّ، وأمّا إذا احتمل ذلک فقد‏‎ ‎‏ذکر المحقّق الخراسانی والنائینی جریان القاعدة بالنسبة إلیه‏‏  .‏‎[1]‎

‏ولکن یمکن الخدشة فی ذلک‏‏  ‏‏: بأنّ المورد من الشبهات المصداقیة لکلّ من‏‎ ‎‏القاعدة والاستصحاب‏‏  ‏‏، إذ الشکّ موضوع للاستصحاب والحادث منه بعد العمل‏‎ ‎‏موضوع للقاعدة‏‏  ‏‏، والشکّ فیما نحن فیه مردّد بین أن یکون عین ما سبق أو شکّاً‏‎ ‎‏حادثاً‏‏  ‏‏، فالمرجع قاعدة الاشتغال‏‏  ‏‏، هذا مع قطع النظر عن اعتبار الاستناد فی‏‎ ‎‏الاستصحاب وإلاّ فهو فی حدّ ذاته إشکال آخر فی الاستصحاب‏‏  .‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال‏‏  ‏‏: بأ نّه لم یرد فی آیة أو روایة اعتبار حدوث الشکّ بعد‏‎ ‎‏الفراغ‏‏  ‏‏. وغایة ما یستفاد من الأدلّة اختصاص القاعدة بما إذا احتمل الإخلال‏‎ ‎‏بالعمل سهواً وغفلةً‏‏  ‏‏، دون ما إذا علم بعدم وقوع السهو والغفلة ولکن احتمل‏‎ ‎


‎[[page 295]]‎‏المطابقة للواقع من باب الاتّفاق والتصادف مثلاً‏‏  .‏

‏ففیما نحن فیه إذا تیقّن الحدث‏‏  ‏‏، ثمّ شکّ فی الوضوء قبل الصلاة‏‏  ‏‏، ثمّ صلّی‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏ثمّ احتمل بعد الصلاة التوضّؤ بعد الشکّ فحیث إنّ وظیفته کان هو الوضوء شرعاً‏‎ ‎‏فترکه لا یکون إلاّ عن غفلة فتجری القاعدة لدفع احتمال الغفلة‏‏  .‏

‏وأمّا إذا تیقّن الطهارة‏‏  ‏‏، ثمّ شکّ فیها قبل الصلاة‏‏  ‏‏، ثمّ صلّی‏‏  ‏‏، ثمّ احتمل بعدها‏‎ ‎‏تجدید الوضوء بعد زمان الشکّ فلا تجری القاعدة‏‏  ‏‏، إذ وقوع الوضوء حینئذٍ من‏‎ ‎‏باب التصادف ولا یحکم القاعدة بوقوع التصادف والاتّفاق‏‏  ‏‏، وأمّا الاستصحاب‏‎ ‎‏فقد عرفت ما فیه أیضاً فحکم متیقّن الطهارة أشکل من غیره‏‏  .‏

وممّا ذکرنا‏  ‏‏: عرفت مواقع الخلط فی کلمات بعض المحقّقین‏‏  ،‏‎[2]‎‏ إذ یحکمون‏‎ ‎‏بأنّ موضوع القاعدة الشکّ الحادث‏‏  ‏‏، ومع ذلک یحکمون بجریانها فی بعض‏‎ ‎‏الصور السابقة مع أ نّها من الشبهات المصداقیة لها‏‏  .‏

 

[[page 296]]

  • - درر الفوائد ، المحقّق الخراسانی : 399 ـ 400 ؛ فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 648 ـ 649 .
  • - راجع : فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 648 ـ 650 ؛ نهایة الأفکار ، القسم الثانی 4 : 72 ـ 73 .

انتهای پیام /*