الجهة الخامسة : فی أنّها أمارة لا أصل
الظاهر أنّها أمارة لا أصل ، أمّا إذا قلنا بکون الدلیل علی الحجّیة سیرة العقلاء فواضح . بداهة أنّه لیس فیهم أصل تعبّدی ووظیفة عملیة مجعولة فی رتبة الشکِّ، بل کلّ ما بیدهم ممّا یعملون علی طبقه أمارة عقلائیة عندهم وطریق به یکشفون الواقعیات ومنه الید ، فإنّهم یعاملون معها معاملة الأماریة ؛ ویمکن دعوی القطع بأنّهم لا یعملون بشیء نسبته إلی الواقع وعدمه علی السواء لمحض مصلحة فی التعبّد به .
نعم ، یمکن أن یقال : أنّ بنائهم علیها مطلقاً مشکل ، إذا کان المنظور إحراز الواقع فقط ، إلاّ خصوصاً مع ما نراه من کثرة مخالفتها للواقع ، فما لم یحصل الوثوق لا یعتمدون علیها فی مقام کشف الواقع ، وأمّا فی مقام الاحتجاج والمخاصمة واللجاج الواقعین بین الموالی وعبیدهم فهی حجّة مطلقاً ، فبها یحتجّ العبد علی المولی والمولی علی العبد .
هذا کلّه بناءً علی کونها حجّة بالسیرة ، مأخوذة منها .
[[page 196]]