فائدة : حکم الاُصول المثبتة بحسب خفاء الواسطة وعدمه
قد عرفت سابقاً أنّ قوله : «لا تنقض الیقین بالشکّ» لا یدلّ إلاّ علی تنزیل نفس المتیقّن السابق ولا یکفی نفس هذا التنزیل لترتیب أثر الأثر .
[[page 98]]نعم ، فیما إذا کانت الآثار المترتّبة کلّها شرعیة ، تترتّب جمیعها ، ولکن لا باقتضاء نفس الاستصحاب ذلک ، بل الاستصحاب لا یثبت به إلاّ المستصحب ، وأمّا ترتّب غیره فمن انطباق الکبریات المجعولة شرعاً ، وقد تقدّم تفصیل ذلک . وتقدّم أیضاً أنّ الأمارة أیضاً بجهة کاشفیتها عن مؤدّاها لا تکفی إلاّ لترتیب أثر نفس المؤدّی ، وأمّا أثر الأثر فترتّبه من جهة کاشفیة اُخری متولّدة من الاُولی فلو قامت الأمارة علی حیاة زید فلا یقتضی کاشفیتها عنها إلاّ ترتیب أثر الحیاة ، وأمّا أثر نبات اللحیة فیترتّب من جهة أنّه یتولّد من انکشاف الحیاة انکشاف نبات اللحیة فترتّبه من آثار الانکشاف الثانی لا الأوّل .
وبهذا البیان : یظهر الفرق بین الأمارات التی یعتمد علیها العقلاء فی عرض العلم من دون أن یکون حجّیتها عندهم متوقّفة علی إعمال التعبّد منهم أو من الشارع وبین الأمارات التعبّدیة ، ففی الاُولی یترتّب جمیع الآثار ، سواء کانت بلا واسطة أو بواسطة اللوازم أو الملزومات أو الملازمات ، لانکشاف کلّ منها بما یعتمد علیه العقلاء ، بخلاف الثانیة فإنّها تابعة لمقدار التعبّد ، فالاستصحاب ولو سلّم کونه من الأمارات ، ولکنّه أمارة تعبّدیة فبانکشاف المستصحب کشفاً ناقصاً وإن انکشفت لوازمه وملزوماته ، ولکن دلیل التعبّد مثل قوله : «لا تنقض» لا یتکفّل إلاّ لتنزیل نفس المتیقّن السابق ، فلا دلیل علی حجّیة الانکشافات المتولّدة من انکشافه .
فإن قلت : لو کان الدلیل علی حجّیته هو عن الأخبار لکان أصلاً ولا یتوهّم کونه أمارة .
[[page 99]]قلت : لا نسلّم ذلک ، وما تراه فی کلمات الشیخ قدس سره وغیره هو أنّ کونه أصلاً یتوقّف علی التمسّک لحجّیتها بالأخبار لا أنّ التمسّک بالأخبار یقتضی کونه أصلاً لا غیر ، فلأحدٍ أن یتمسّک لها بالأخبار . ومع ذلک یدّعی أماریته ، ولکنّه مع أماریته أیضاً لا یترتّب علیه إلاّ نفس أثر المستصحب ، فافهم وتدبّر .
[[page 100]]