المقام التاسع فی حکم العدول من السابقة إلی اللاّحقة وبالعکس
لا شبهـة فی عدم صحّـة الـعدول؛ حسب الـموازین الـعقلیّـة والـصناعات الـعلمیّـة، لا من الـسابقـة إلـی الـلاّحقـة، ولا الـعکس.
وتوهّم: أنّ هذه الـمسائل اعتباریّـة قصدیّـة، والـطبیعـة کما توصف بـ «الـظهریّـة» بالقصد، کذلک توصف بـ «الـعصریّـة» بعد انقلاب الـنیّـة، والأدلّةُ الـشرعیّـة لاتصحّح الـممتنعات الـعقلیّـة، فمن شرع فی الـعصر، ثمّ تذکّر أنّـه لم یأتِ بالاُولیٰ، فلـه أن ینویها ظهراً وأتمّها، وهذه کافیـة لحصول الـوصف الـمقوّم للـطبیعـة بذلک.
فاسد؛ بداهـة أنّ مقتضی الأدلّـة اتصاف الـطبیعـة بأجزائها - الـتی هی لیست إلاّ هی - بالأوصاف الـلاّزمـة، لا الـطبیعـة الـمهملـة، علیٰ ما مضیٰ
[[page 145]]سبیلـه، وعندئذٍ یکون ما بیده فاقدة الـصفـة الـمعتبرة قیداً فی الـمأمور بـه.
واتصافها بعد ذلک وإن أمکن، إلاّ أنّ ذلک لایورث انقلاب ما أتیٰ بـه عمّا کان علیـه، وتلک الأوصاف لیست من الاُمور الاعتباریّـة بالمعنی الـحقیقیّ، بل هی من الـحقائق الـذهنیّـة الـموجودة فی الـنفس، الـموجبـة لاتصاف الـخارج بـ «الـظهریّـة» و«الـعصریّـة» فلایمکن سلبها بعد وجودها، بخلاف الاُمور الاعتباریّـة، فلا تخلط.
ثمّ إنّ مقتضیٰ بعض الـروایات الـسابقـة، ممنوعیّـة الـعدول، ففی روایـة معاویـة قال علیه السلام: «هی علیٰ ما افتتح الصلاة علیه».
بل ربّما یمکن دعویٰ معارضـة قولـه علیه السلام فی معتبرة ابن أبی یعفور: «إنّما یحسب للعبد من صلاته التی ابتدأ فی أوّل صلاته» مع الأخبار الـمرخّصـة للـعدول؛ لحجّیّـة مفهوم الـحصر، بل وإباء هذه الـجملـة عن الـتقیید.
فبالجملة: ممنوعیّـة الـعدول - حسب الـقواعد، والأخبار، والـفتاوی - بدیهیّـة.
[[page 146]]