وعلیٰ مشرب الحکیم
«اَلله ُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ»؛ لا بالـقول والـمعنیٰ الـحَدَثی، بل بالـعین بإخراجهم من الـفطرة الـمخمورة والـطینـة الإلهیـة الأوّلیـة الـیٰ الـفطرة الـمحجوبـة والـصراط الـمنحرف والـنفاق والـطینـة الـخبیثـة، فإنّـه حقیقـة الاستهزاء وواقعـه الـعینی الـخارجی، «وَیَمُدُّهُمْ» بواقع الـمدد والـعون والـسحب والـجر ـ حسب استعداداتهم الـحاصلـة لـهم بسوء فعالـهم الـباطلـة ـ «فِی طُغْیَانِهِمْ» وتجاوزهم عن تلک الـجادّة الـمعتدلـة ـ والـحرکـة الـذاتیـة الـطبیعیـة الـمستقیمـة ـ «یَعْمَهُونَ» ویتردّدون فی الـطریق، وینحرفون ویَعْوُجون فیکونون فی الـنار خالـدین.
[[page 553]]وقریب منه: «اَلله ُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» حیث نادوا بلسان ذاتهم الاهتداء والـنجاة، ولکنّـه تعالـیٰ أخرجهم من الـنور الأوّلی الـطبعی الـی الـظلمات الـبهیمیـة والـسبعیـة والـشیطانیـة الـتی هی الاکتسابیـة الـثانویـة، فسخر منهم بأحسن الـسخریـة.
«وَیَمُدُّهُمْ» بتردّدهـم علیٰ شیاطینهم وبمصاحبتهم معهم، وبأفعالـهم الکاسـدة الـباطلـة «فِی طُغْیَانِهِمْ» الـحاصل من سوء اختیارهم وعصیانهم، الـمحصول من أفعالـهم الـسیّئـة «یَعْمَهُونَ» أیضاً باختیارهم، فلایتردّدون إلاّ لأجل خبثهم.
[[page 554]]