الموعظة الحسنة والنصیحة
اعلم یا أخی: إنّ الـکتاب الإلهی کتاب الـوعظ والإرشاد والـتنبـیـه والـتوجیـه، وفیـه هذه الـجهـة وتلک الـقسمـة أقویٰ وأعظم شأناً من سائر الاُمور الاُخر، وفی جمیع الـهدایات أیضاً یلاحظ جانب الإرشادات الـخاصّـة بأنحاء الـتعابیر الـمختلفـة؛ لـیخرجکم من الـظلمات الـیٰ الـنور، ویهدیکم الـیٰ الـصراط الـمستقیم، والـخلاص من الـجحیم.
فإذا یقول: «آمِنُوا کَمَا آمَنَ النَّاسُ» فعلیک الإجابـة بالأجوبـة الـقلبـیـة والـقالَبـیـة، وعلیک الإصغاء والاستماع الـیٰ ندائـه ورأیـه عملاً وعلماً، ولا تکن کالـمنافقین ومن یحذو حذوهم فی الـخروج الـیٰ حدّ الإفراط أو الـتفریط، حتّیٰ لا تکون من الـمؤمنین قلباً وعلماً ولا من الـمؤمنین عملاً وقالَباً، بل الـلازم مراعاة الـحدّ الأوسط، واتخاذ الـحدّ الـعدل والـخطّ الـمستقیم من الابتداء الـیٰ الانتهاء، وعدم الانحراف عنـه ولو لـحظـة، وذلک لا یحصل بمجرّد تلاوة الـکتاب، أو کتابـة تفسیره، أو مراجعـة کتب الـمفسِّرین وغیر ذلک، بل هو أمر لا یمکن تحقیقـه إلاّ بالـجدّ والاجتهاد، کما قال الـشاعر الـفارسی:
[[page 473]]
کجا تواند دم از مقامات عارفی زد
کسی کـه چون نی بشب ننالـد چونی بصد جا کمر نبندد
فإیّاک أن تکون من الـسفهاء فی لـسان الـقرآن، وإیّاک أن تشملک هذه الـکریمـة الـشریفـة واحذر عن الـتشبّـه بالـمنافقین، وقد عرفت أنّ من الـنفاق الـریاء، والـمراؤون یتّبعون أهواءهم، وهم فی الـنفاق آکد من الـمنافقین؛ لـما أنّ إیمانهم وَدَعی غیر راسخ ولا حقیقی، فهو والـمنافق عند ظهور الـنشأة الـبرزخیـة سیّـان، ولا یجوز أن تتخیّـل اختصاص ذلک بالـمرائی، بل کلّ إنسان کان نظره وقلبـه متوجّهاً الـیٰ غیره تعالـیٰ ـ فی فعالـه وصنیعـه ـ فیـه نوع نفاق، ویقول بلسان الـحال: «أَنُؤْمِنُ کَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ»، ویجاب بقول الله تعالـیٰ: «أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰکِنْ لاَ یَعْلَمُونَ».
[[page 474]]