تنبیه: فی إبطال اشتراط قصد مدلول اللفظ
قیل: «من جملـة شرائط الـمتعاقدین؛ قصدهما لمدلول اللفظ الـذی یتلفّظان بـه. واشتراطـه بهذا الـمعنیٰ فی صحّـة الـعقد، بل فی تحقّقـه، ممّا لاخلاف فیـه» انتهیٰ.
[[page 306]]أقول: ماهیّـة الـعقد عبارة عن الإیجاب والـقبول فی اللفظ، والـتعاطی فی الـفعل؛ علیٰ ما هو الـمعروف بینهم، وما هو من شرائطها هی الـعربیّـة والـماضویّـة، وماهیّـة الـمتعاقدین عبارة عن الـمتکفّلین لطرفی الـعقد، وما هو من شرائطهما هو الـبلوغ ونحوه ممّا لا یدخل فی الـعقد وجوداً وماهیّـة، وأمّا الـقصد فهو من علل وجود الـعقد، لا ماهیّتـه، ولا من شرائط الـمتعاقدین.
والـذی هو الـدخیل فی وجوده لیس مطلق الـعقد، کالـقصد إلـی الألفاظ حذاء الـنائم فافهم، وکالـقصد إلـی الـمعنی الـموضوع لـه علیٰ نعت الـتصوّر، وکالـقصد إلـی الـمعنی الـمجازیّ ولو کان بنحو الـتصدیق، بل هو إرادة إیجاد موضوع الاعتبار للنقل والانتقال، الـمستلزم لهما قهراً بحکم الـعرف علیٰ کیفیّـة أوجدها؛ من الـتنجیز، أو الـتعلیق.
وما قیل: «إنّ الـقصد من مقوّمات الـعقد» فاسد بالـضرورة؛ لأنّ الـوجود لیس داخلاً فی الـماهیّـة حقیقیّـة کانت، أو اعتباریّـة.
نعم، هو من مقوّماتـه بالـعرض والـمجاز؛ لأنّ وجود الـعقد معلول الـقصد لا نفسـه، ولیس الـقصد نحو وجوده، بل هو فی حکم علّـة وجوده، فلا تغفل، ولا تخلط.
ودعویٰ: أنّـه من شرائط الـمتعاقدین، واضحـة الـمنع؛ لأنّ الـشرط لیس دخیلاً فی إمکان وقوع الـشیء، کما لا یخفیٰ.
[[page 307]]
[[page 308]]