التمسّک ببعض الروایات الدالّة علیٰ إرادة الرشد من الآیة السابقة
ثمّ إنّ فی الـروایات ما یورث تعیّن احتمال الـسابق؛ وهی صحیحـة الـعیص بن الـقاسم، عن أبی عبداللّٰه علیه السلام قال: سألـتـه عن الـیتیمـة متیٰ یدفع إلـیها مالـها.
قال: «إذا علمت أنّها لا تفسد ولا تُضیع».
فسألـتـه: إن کانت قد زُوّجت؟
فقال: «إذا زوّجت فقد انقطع ملک الوصیّ عنها».
[[page 278]]فإنّها ظاهرة فی أنّ «بلوغ الـنکاح» هو الـزواج، لا الاحتلام.
وفیها ما یشهد علیٰ أنّ الـمقصود، تسلیم أموالـه إلـیـه بعد استئناس الـرشد، والـتحفّظ علیٰ مالـه من الـضیاع؛ وهی الـروایـة الـمشار إلـیها أیضاً، وما رواه هشام عنـه علیه السلام قال: «انقطاع یتم الیتیم بالاحتلام، وهو أشده، وإن احتلم ولم یؤنس منه رشده، وکان سفیهاً أو ضعیفاً، فلیمسک عنه ولیّه ماله».
فإنّها کالـنصّ فیما سلکناه حول الآیـة الـکریمـة.
فبالجملة: لو کانت الآیـة مرتبطـة بهذه الـمسألـة، فهی تدلّ علیٰ أنّ الـرشد تمام الـموضوع، ولو کانت دلالتها خفیّـة علیٰ بعض، فهی صارت جلیّـة بعد مراعاة ما ورد حولها، فتکون موافقـة للعمومات والاُصول.
إن قلت: قضیّـة الـروایـة الأخیرة أنّ الاحتلام جزء الـموضوع.
قلت: وقضیّـة الـجمع بینها وبین قولـه علیه السلام: «إذا علمت أنّها لا تفسد ولا تُضیع» حملـه علی الـمفروض فیها عدم رشده قبل الاحتلام، کما هو کذلک نوعاً.
هذا، والـذی هو الـمقصود من الإطالـة؛ نفی دلالتها علیٰ مذهب الـمشهور، أو إثبـات إجمالـها وأجنبیّتها عن أصل الـمسألـة، وأمّا رأیهم فلعلّـه یدلّ علیـه الـمآثیر الاُخر الآتیـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.
[[page 279]]