المطلب الثانی
إضافة «صراط» إلیٰ «الذین»
من إضافـة «الـصراط» إلـیٰ «الـذین» یُعلم: أنّ الـمراد من «الـمستقیم» هو الـمراد منهم، ویکون الاستقامـة هو الإنسان الـکامل، وهذه أیضاً من
[[page 182]]ثمرات هذه الآیـة الـمذکورة بعد الآیـة الـسابقـة، وهذا ممّا لا یهمّنا بحثـه هنا، وما هو مقصودنا هو أنّ الـجمع الـمزبور استغراقیّ أو مجموعیّ؛ أی صراط الـذین أنعمت علیهم صراط واحد؛ لأنّ الـذین أنعم علیهم لـوحظوا بوصف الـوحدة، أم هو کثیر بالکثرة الأفرادیّـة؛ أی صراط کلّ واحد من الـذین أنعمت علیهم، فیطلب الـسبل الـکثیرة والـصرط الـمتعدّدة.
والـذی یظهر لـلمتدبّر: أنّ الـثانی لا وجـه لـه؛ ضرورة أنّ الإنسان لا یتمکّن إلاّ من أن یسلک سبیلاً واحداً، فکیف یسأل ربّـه أن یهدیـه الـسبل الـکثیرة؛ وإن کانت کلّها مستقیمـة ومن الـمُنعَم علیهم؟!
ومن الـممکن أن یقال: إنّـه سأل الـکثیر حتّیٰ یُعطیٰ واحداً، وذلک إحدیٰ طرق الـتکَدّی والالتماس والـدعاء والاستجداء، وإنّی بَعْدُ ما وجدتُ فی کتب الـتفاسیر مَنْ کشفَ الـنِّقابَ عن هذه الـمُعضِلـة، ولکنّک أحطت فیما سلف: بأن الـمسالک فی وحدة الـصراط وکثرتـه مختلفـة، والـنظر هنا فیما هو الـظاهر من الآیـة الـکریمـة.
ولا یبعد کونـه الـعامّ الـمجموعی؛ أی صراط هؤلاء الـناس هو الـصراط الـمستقیم؛ من غیر نظر إلـیٰ کون الأشخاص الـکمّلین نفس الـصراط، وعلیٰ هذا لایبقیٰ احتمال کون «غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ» استثناءً من «اَلَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ»؛ لأنّ الاستثناء یحسن من الـعامّ الاستغراقی.
[[page 183]]