سورة الفاتحة

المسألة الثالثة : حول عدم ذکر متعلّق الآیة

الناحیة السابعة حول قوله تعالیٰ «إِهْدِنٰا الصّرٰاطَ الْمُسْتَقِیم» / المبحث الثالث : حول ما یتعلّق بالکلمات والجمل الناقصة وهنا یقع الکلام فی نواحٍ شتّیٰ :

کد : 153764 | تاریخ : 12/03/1395

المسألة الثالثة

‏ ‏

حول عدم ذکر متعلّق الآیة

‏ ‏

‏قد سبق أن ذکرنا حذف جملـة متعلّقـة بقولـه: ‏‏«‏إِهْدِنَا الصِّرَاطَ‎ ‎الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏؛ لأنّ الـمقصود لـیس الـهدایـة إلـیٰ الـصراط وهو الـطریق، بل‏‎ ‎‏الـمأمول وغایـة الـمؤول هو الـنیل بذی الـطریق والـسبیل؛ أی اهدنا‏‎ ‎‏الـصراط الـمستقیم إلـیٰ الـبلاد والـممالک والـقُریٰ والـقَصَبات، وحیث إنّ‏‎ ‎‏الـحذف ـ ولا سیّما فی أمثال الـمقام ـ دلیل الـعموم، فیکون الـمطلوب أعمّ،‏‎ ‎‏والـمقصود بالذات أشمل، وکلُّ ما فی حیطـة هدایـة اللّٰه وإرشاده وتحت‏‎ ‎‏سلطان قدرتـه وإرادتـه، هو مورد نظر الـقارئ الـملتفت إلـیٰ أطراف‏‎ ‎‏الـمسألـة وحدود الـقضیّـة.‏

‏ولمّا کان الـقُرّاء الـکرام مختلفی الآفاق ومتشتّـتـة الأفهام والـمدارج،‏‎ ‎‏یکون الـمقصود من ذی الـطریق وذی الـصراط الـمستقیم، تابعاً لـحدود‏‎ ‎‏وجوده وإمکانیّاتـه واستعداده، فإذا قرأنا الآیـة فلا نرید منها ما یرید منها‏‎ ‎‏الـرسول الأعظم ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏والـولیّ الـمعظّم قطعاً وطبعاً.‏

وبالجملة:‏ لا داعی إلـیٰ دعویٰ أنّـه استدعاء الـهدایـة إلـیٰ جهـة‏‎ ‎‏خاصّـة؛ ومملکـة معیّنـة من ممالک الـوجود، بل هی لـطلب الـهدایـة إلـیٰ‏‎ ‎‏الـصراط الـمستقیم الـمنتهی إلـیٰ أنحاء الـخیرات وأنواع الـسعادات وأقسام‏‎ ‎‏الـکمالات، والـمنتهی إلـیٰ ربّ الـراقصات، وإلـیٰ الـمطلوب الـمطلق‏
‎[[page 96]]‎‏والـعشق الأوّل.‏

ویؤیّد ذلک:‏ أنّ الـمتکلّم لا یرید أن یهتدی إلـیٰ ما هو فی الـطریق،‏‎ ‎‏ویدعو ربّـه الـهدایـة إلـیٰ الـصراط الـمستقیم بالألسنـة الـمختلفـة، بل هو‏‎ ‎‏یتمایل ویعشق ویشتهی ویرید ـ حسب الـفطرة واستعدادها ـ الـهدایـة إلـیٰ‏‎ ‎‏مالا وراءه شیء ولا بلدة ولا قصبـة، فیکون طلبـه الـهدایـة إلـیٰ «عبادان»،‏‎ ‎‏فإنّـه لـیس وراء «عبادان» قریـة.‏

ومن هنا یظهر:‏ أنّ تفسیر الـصراط الـمستقیم بالرسول ـ کما فی‏‎ ‎‏أحادیث الـعامّـة والـخاصّـة‏‎[1]‎‏ ـ وبالولیّ وبالأمیر وبالإسلام وبغیر ذلک‏‎[2]‎‏، کلّ‏‎ ‎‏ذلک لأجل أنّها الـطرق إلـیٰ اللّٰه، والـطرق إلـیـه بعدد نفوس الـخلائق، وما‏‎ ‎‏هو أحسن الـطرق مختلف حسب آراء الـقُرّاء، فیکون هو الإسلام، وهو‏‎ ‎‏الإیمان، وهو الـمؤمن، وغیر ذلک، وحیث إنّ أحسن الـطرق هو الـرسول‏‎ ‎‏الأعظم ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏والإنسان الـکامل والـولیّ الـمعظّم، فکأنّـه قیل: اهدنا إلـیٰ‏‎ ‎‏الإنسان الـکامل، الـمؤدّی إلـیٰ أصل الـوجود ومنبع الـخیر والـشهود، الـذی‏‎ ‎‏لایسأل الـهدایـة، بل بهداه اهتدوا، ولا یأمل الـثبات علیها، بل بحفظـه حُفِظوا.‏‎ ‎‏واللّٰه الـعالم.‏

‎ ‎

‎[[page 97]]‎

  • )) معانی الأخبار: 36 / 7، الدّر المنثور 1: 15، تفسیر البرهان 1: 52 / 39.
  • )) راجع معانی الأخبار: 32 / 2 و3 و7 و8، وتفسیر البرهان 1 : 51 ـ 52 .

انتهای پیام /*