الآیة الثانیة: آیة حلّ البیع
أی قولـه تعالـیٰ: «وَأَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا».
وغایـة مایمکن دعواه حولها: هو أنّها فی مقام تحلیل الـبیع بتحلیل الـحاصل منـه؛ وهو الـربح الـمقابل للزیادة الـملحوظـة فی الـمعاملـة الـربویّـة، فلاتدلّ علی حلّیـة الـطبیعـة، ولا الـتصرّفات؛ لأنّ حلّیـة الـطبیعـة کانت معلومةً، وما کانت مورد ادعاء الـتسویة، وحلّیة الـتصرّفات غیر محتاج إلـیها؛ لأنّ الـطبیعـة الـمحلّلـة تلازم جواز الـتصرّف عرفاً.
فهی ناظرة إلـی نفی الـتسویـة الـمتخیّلـة، وهی بین الـبیع الـربویّ وغیره؛ فإنّ الـبیع غیر الـربویّ یورث الـنفع کالـربویّ، فإذا حلّت الأرباح فإطلاقها یفید اللزوم؛ لأنّـه بعد الـفسخ محلّل أیضاً.
ولا وجـه لتوهّم الـشبهـة الـموضوعیّـة هنا، فیقال: بعدم جواز الـتمسّک؛ ضروره أنّ الـحلّیـة متعلّقـة بأمر خارج عن الـطبیعـة، وهی الـزیادة والـربح، وبإلـغاء الـخصوصیّـة یعلم لزوم سائر الـعقود.
ولو قیل: لیس مورد الـحلّیـة الـربح، بل الـمورد الـربح الـحاصل من الـبیع، فإذا تحقّق الـفسخ یحتمل انتفاء الـبیع الـذی هو قید الـموضوع.
قلنا: قد مضیٰ آنفاً أنّ اعتبار الـفسخ حلّ الـعقد والـعهد، دون عناوین الـمعاملات، فإنّها موضوعات للأسباب الـمتعقّبـة بالـمسبّبات فی
[[page 89]]الـجملـة، وسیأتی زیادة توضیح فی ذیل الآیـة الآتیـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.
أقول: کما یمکن صرف الآیـة الاُولی بذیلها وصدرها، یمکن صرف ذیلها بها؛ فإنّ قولـه تعالـیٰ: «وَحَرَّمَ الرِّبَا» ربّما یفسّر بأنّـه یفید حرمـة الـبیع الـربویّ، لا مطلق الـرّبا، ولذلک اختلفت کلمات الـقوم فی حرمتها فی غیره، إلاّ الـقرض فإنّها فیـه محرّمـة قطعاً، فعلیٰ هذا تکون الآیـة جملـة إخباریّـة عن الـحلّیـة الـمتعلّقـة بالـطبیعـة الـمخصوصـة، والـحرمـة الـمتعلّقـة بها کذلک، وبذلک یرتفع غائلـة الـتسویـة.
ولعمری، إنّـه أظهر الـمحتملات حولها؛ لأنّ مدّعی الـتسویـة لایسأل إلاّ عن الـفرق بین الـبیع الـربویّ وغیر الـربویّ، وهی تنادی بذلک، وتکون ناظرة إلـیٰ دفع وهمهم، فلا إطلاق لها حتّیٰ یتمّ الاستدلال بها حینئذٍ، وقد مضی بعض الـبحث فیها.
[[page 90]]