سورة البقرة

البحث الخامس : وجه عدم إتیان السمع جمعاً

الآیة السابعة من البقرة / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 154017 | تاریخ : 15/03/1395

البحث الخامس

‏ ‏

وجه عدم إتیان السمع جمعاً

‏ ‏

‏قیل فی وجـه إتیان الـقلب جمعاً وهکذا الأبصار، دون الـسمع: إنّ ذلک‏‎ ‎‏باعتبار الـکثرة الـموجودة فی الـمُدرَکات الـعقلیـة والـمحسوسات‏‎ ‎‏الـبصریـة، بخلاف الـسمع، فإنّـه لا یُدرک إلاّ الـصوت‏‎[1]‎‏. وبتعبـیر آخر: لا‏‎ ‎‏یتعلق إلاّ بالأمواج والارتعاشات الـتی کلّها من صنف واحد ونوع فارد. ویمکن‏‎ ‎‏أن یقال: إنّ فی کلمـة «الأسماع» نوع اشمئزاز أفرادی وتنافر سمعی.‏

‏وقد تداول فی الـکتاب الإلهی إفراد بعض الألفاظ وجمع ألفاظ اُخر‏‎ ‎‏تقابلها، کالـنور والـظلمات، والأرض والـسموات، وغیر ذلک، ویمکن أن یکون‏‎ ‎‏ذلک فی هذه الآیـة رمزاً الـیٰ أنّ الـسمع من متعلّقات الـجملـة الـسابقـة، فإنّ‏‎ ‎‏فی تغیـیر الاُسلوب منافع کثیرة تأتی فی محالّها ـ إن شاء اللّٰه تعالیٰ ـ أو إشعاراً‏‎ ‎‏بأنّ بین الـقویٰ الإحساسیـة، تکون الـسامعـة أقویٰ وأقرب الـیٰ الـوحدة من‏‎ ‎‏الـبصر والـباصرة، مع أنّ فقد الـسامعـة فقد الـناطقـة، بخلاف الـباصرة، ومع‏‎ ‎‏أنّ الانتباه والاستیقاظ من الـنوم لا یمکن بالـباصرة، بخلاف الـسامعـة، فکأنّها‏
‎[[page 187]]‎‏لا تموت بالـمرّة وإن کان تضعف وتنام الاُذُن، هکذا فی بعض أحادیثنا‏‎[2]‎‏.‏

‏ومن الـعجیب ـ ولا یؤسف علیـه ـ ما علیـه أکثر الـمتکلّمین، وهو‏‎ ‎‏تفضیل الـبصر علیٰ الـسمع؛ لأجل أنّ الـسمیع لا یدرک إلاّ الأصوات‏‎ ‎‏والـکلام، والـبصیر یدرک الأجسام والألوان والـهیآت کلّها، قالـوا: فلما کانت‏‎ ‎‏تعلّقاتـه أکثر کان أفضل، وأجازوا الإدراک بالـبصر من الـجهات الـستّ‏‎[3]‎‏.‏

‏وأنت خبـیر بما فیـه من الأغلاط الـعجیـبـة، والأعجب أنّ کثرة تعلّقاته‏‎ ‎‏توجب أضعفیـة وجوده وأکثریـة الـشروط الـلازمـة فی الإحساس بـه.‏

وبالجملة:‏ ما هو مناط الـقوة والـضعف قلّـة الـشرائط وکثرتها، ومن‏‎ ‎‏الـواضح أنّ الإحساس بالـسامعـة أقلّ شرطاً من الإحساس بالـبصر.‏

‎ ‎

‎[[page 188]]‎

  • )) راجع تفسیر المنار 1 : 144 .
  • )) لاحظ تهذیب الأحکام 1 : 8 / 11 .
  • )) اُنظر التفسیر الکبیر 2 : 53 ، والجامع لأحکام القرآن 1 : 189 ـ 190 .

انتهای پیام /*