الجواهر و الأعراض

فصل (4) فی ذکر منهج آخر للفلاسفة لإثبات حقیقة الهیولیٰ و نحو وجودها الذی یخصّها

کد : 154219 | تاریخ : 16/03/1394

فصل (4) فی ذکر منهج آخر للفلاسفة لإثبات حقیقة الهیولیٰ و نحو وجودها الذی یخصّها

‏ ‏

قوله:‏ فی ذکر منهج آخر.‏‏[‏‏5 : 109 / 16‏‏]‏

أقول:‏ لا یتمّ الـمنهج الـسابق إلاّ بعد الـتعرّض لما ذهب إلـیـه‏‎ ‎‏ذیمقراطیس من أنّ الـجسم مرکّب من الأجسام الـفردة الـصُلـبـة. و برهان‏‎ ‎‏الـفصل و الـوصل لا یأتی فیـه؛ لأنّ ذلک الـبرهان یتوقّف علـیٰ ثبوت الـفصل‏‎ ‎‏و الـوصل بالـحمل الـشائع، و لا یکفی مجرّد الإمکان و إن لم یکن إمکاناً‏‎ ‎‏وهمیاً بل إمکاناً واقعیاً.‏

‏و الـجواب: أنّ ذیمقراطیس کان ممّن أنکر الاتّصال فی الـجسم أوّلاً، ثمّ‏‎ ‎‏کان یدّعی أنّ منشأ تلـک الأجسام هو الأجسام الـفردة الـصلـبـة، و قد فرغنا‏‎ ‎‏عن بطلان مذهبـه بثبوت الاتّصال فی الـجسم فلا یحتاج إلـیٰ الـتعرّض لـه.‏

‏نعم، إن قلـنا بأنّ الـجسم لـه الـصورة الاتّصالـیـة الـحقیقیـة ولـکن‏‎ ‎‏لیست مرکّبـة من الـهیولیٰ و الـصورة بل هی مرکّبـة من تلـک الأجسام‏‎ ‎‏الـفردة، فنقول: إن تحصّل من تلـک الأفراد صورة غیرها فلابدّ من الـفعل و‏‎ ‎‏الانفعالات فی الـطرفین حتّیٰ یحدث الـصورة الاُخریٰ، و هذا یمکن فی‏‎ ‎‏الـهیولیٰ و الـصورة. و أمّا فی الأجسام الـمفردة فلا یمکن الـفعل و الانفعال‏‎ ‎‏حتّیٰ یحصل الـصورة الاُخریٰ بعنوان الاتّصال، فیکون الـترکیب غیر حقیقی، و‏‎ ‎


‎[[page 534]]‎‏قد ثبت وجود الاتّصال الـحقیقی فی الـجسم. فما توهّمـه بعض الأساطین من‏‎ ‎‏عدم تمامیـة برهان الـفصل و الـوصل من تلـک الـجهـة، غیر تمام. و من‏‎ ‎‏الـمتوهّمین جناب الـماتن  ‏‏قدس سره‏‏ فی هذا الـکتاب إجمالاً و فی کتاب «الـمبدأ و‏‎ ‎‏الـمعاد»‏‎[1]‎‏ تفصیلاً، فراجع.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قوله: ‏و کذا الـقوّة و الاستعداد.‏‏[‏‏5 : 112 / 14‏‏]‏

أقول:‏ لو فرضنا أنّ الاتّصال بالـقیاس إلـیٰ تلـک الـقوّة مثل الـجسم‏‎ ‎‏بالـقیاس إلـیٰ الـبیاض فکما أنّ مفهوم الأبیض یکشف فی الـجسم معنیً غیر‏‎ ‎‏الـجسم و هو الـبیاض، کذلک فی الاتّصال أمر هو غیر الـجسم و هو الـقوّة‏‎ ‎‏انتهیٰ.‏

‏فإن أراد الـمستشکل هذا، فیرد علـیـه ما أورده الـماتن ابتداءً و هو لزوم‏‎ ‎‏وجود الـمحمول مع الـحامل و الـمقبول مع الـقابل، فیلـزم بقاء الاتّصال مع‏‎ ‎‏الانفصال و هو بدیهی الـفساد.‏

‏و إن أراد أنّ الـشیء الـواحد یمکن أن یکون نفسـه الـواحدة‏‎ ‎‏الـجوهریـة الـمحصَّلـة فعلاً و نفسـه الـواحدة الـجوهریـة الـمهملـة قوّة،‏‎ ‎‏فنقول:‏

‏بناءً علـیٰ مسلـک الـماتن من تجویز کون الـواحد مختلـف الـحکم‏‎ ‎‏بالأنظار؛ بأن یکون مادّیاً من جهـة و مجرّداً من جهـة، جوهراً من جهـة و‏‎ ‎‏عرضاً من جهـة ـ کما صرّح بـه فی مباحث الـماهیات ـ فلا مانع من کون‏‎ ‎
‎[[page 535]]‎‏شیء محصّلاً من جهـة و مهملاً من جهـة اُخریٰ، و هذا أسهل من الـسوابق.‏

‏و أمّا علـیٰ مسلـکنا من أنّـه لا یرجع إلـیٰ محصّل بل یلـزم کون‏‎ ‎‏الـذاتیات اعتباریـة و أنّ الـجهات واقعیـة، فلابدّ من ضمّ الـقوّة إلـیـه؛ و حیث‏‎ ‎‏إنّ الـقوّة تحتاج إلـیٰ محلّ غیر الاتّصال فلابدّ من الـمحلّ الـجرمانی و هو‏‎ ‎‏الـهیولیٰ الـجوهریـة فیثبت الـمطلـوب.‏

‏و هذا برهان قویم الأرکان لا یشوبـه شائبـة الـخذلان و علـیٰ الله‏‎ ‎‏تعالـیٰ الـتکلان.‏

من العبد مصطفیٰ

قوله:‏ لا یجوز أن یکون جهـة قوّة و إمکان.‏‏[‏‏5 : 114 / 4‏‏]‏

أقول:‏ کیف یمکن کون الـشیء الـواحد عرضاً و جوهراً و مادّیاً و مجرّداً،‏‎ ‎‏و لا یمکن أن یکون فعلاً و قوّة؟! فإنّ الأنظار لا یکفی للاندراج تحت‏‎ ‎‏الـمقولتین فلا یکفی للاندراج تحت الـمقولـة الـواحدة، ولـکن بکونـه فردین‏‎ ‎‏لها؛ أی فعلـیـة هو الـصورة الـتی هی إحدیٰ الـجواهر الـخمسـة، و هیولیً و‏‎ ‎‏قوّة الـتی هی الـفرد الآخر من تلـک الـخمسـة، و مضیٰ الإشکال فی الـکلّ و‏‎ ‎‏أنّ الـواحد لو أمکن فیـه ذلک لأمکن کونـه واجباً و ممکناً، و لأمکن کونـه‏‎ ‎‏تحت جمیع الـمقولات الـعرضیـة و الـجوهریـة، و الـکلّ باطل فما نحن فیـه‏‎ ‎‏أیضاً باطل.‏

‏ولـکن الإشکال الـسابق غیر مندفع بعدُ و هو: أنّ الـخشب لـه الـصورة‏‎ ‎‏الإجمالـیـة الإهمالـیـة و لـه الـصورة الـمحصَّلـة الـمفصَّلـة، أمّا الـصورة‏‎ ‎‏الإجمالـیـة فهی الـمعنیٰ بالـقوّة فیـه أی الـمعنیٰ الـمنحفظ، و أمّا الـصورة‏‎ ‎‏الـمتحصّلـة فهی ما بالـفعل فیـه فلا یلـزم الـقول بالـهیولیٰ.‏


‎[[page 536]]‎‏و بعبارة اُخریٰ: هذه الـمقدّمات تارةً تُعدّ لأن یُثبت الـمعنیٰ الـمنحفظ بین‏‎ ‎‏الـوصل و الـفصل و بین الـحال و الاستقبال، فلا یُستنتج منها إلاّ لزوم کون‏‎ ‎‏الـمعنیٰ الـمنحفظ متوسّطاً بین الـمراتب الـعرضیـة أو الـطولیـة.‏

‏و إن کانت تلـک الـمقدّمات معدّة للإفضاء إلـیٰ الـقول بلـزوم الـقوّة‏‎ ‎‏الـقابلـة للـصیرورة فعلـیاً ـ و لا یمکن ذلک للـصورة الإبهامیـة؛ فإنّ تلـک‏‎ ‎‏الـصورة بمنزلـة الـصورة الـجسمیـة بالـقیاس إلـیٰ الـصورة الـنوعیـة، فکما‏‎ ‎‏أنّ الـصورة الـنوعیـة لیست منقلـبـة عن الـجسمیـة و لا الـصورة الـجسمیـة‏‎ ‎‏مترقّیـة إلـیها بل هی إفاضـة من الـحیّ الـقیّوم إلـیٰ الـمحلّ الـقابل، فمجرّد‏‎ ‎‏الإجمال و الإکمال لا یکفی لتبدّل الـصورة الـنازلـة إلـیٰ الـصورة الـراقیـة ـ‏‎ ‎‏فحینئذٍ یحتاج إلـیٰ الـقول بوجود الـقوّة فی الـجسم، و تلـک الـقوّة محلّها: إمّا‏‎ ‎‏الـقوّة الـذاتیـة وهو الـهیولیٰ فهو الـمطلـوب، و إن کانت مستقلّـة فی ذاتها‏‎ ‎‏فیلزم کونها الـجوهر و هو خلف. و إمّا محلّها الاتّصال و الـجسم بما هو جسم‏‎ ‎‏فیلزم بقاء الاتّصال مع الانفصال؛ لأنّ تلـک الـقوّة تبقیٰ و محلّها لابدّ و أن یبقی.‏

‏إن قلـت: لیست الـقوّة إلاّ واحدة فیلـزم بطلان الـقوّة بعد الانفصال.‏

‏قلـت: الـقوّة لـه فردان، جوهری هو الـباقی، و عرضی و هو الـفانی،‏‎ ‎‏فجمیع الـمراحل للـصورة تصاحب مع الـقوّة الـجوهریـة، و زوالٌ للـقوّة‏‎ ‎‏بمعنیٰ الإمکان الاستعدادی، و بحمدالله صار هذا برهاناً علیٰ حدة.‏

من العبد مصطفیٰ

قوله: ‏بل کنسبـة الـنوع الـبسیط.‏‏[‏‏5 : 117 / 5‏‏]‏

‏أی: یکون نسبـة الـهیولیٰ إلـیٰ الـمعانی الاختراعیـة الـذهنیـة مثل‏‎ ‎‏نسبـة الأعراض الـکلّیـة بالـقیاس إلـیٰ الأجناس و الـفصول، فکما أنّ للون‏‎ ‎
‎[[page 537]]‎‏جنساً و فصلاً، لها أیضاً مادّة و صورة. إلاّ أنّ الـمادّة و الـصورة فی الـبسائط‏‎ ‎‏أیضاً عقلـیـة ـ علـیٰ ما هو الـمشهور بینهم ـ ، أو الـمادّة و الـصورة تبعیـة کما‏‎ ‎‏هو الـمعروف عن بعضهم، أو لها الأجناس و الـفصول بلا احتیاج إلـیٰ الـمأخذ‏‎ ‎‏لعدم قیام الـبرهان علـیٰ الاستلـزام.‏

‏ولـکن الـکلّ باطلـة و تفصیلـه فی محلّـه و إجمالـه: أنّ الـمادّة و‏‎ ‎‏الـصورة الـعقلـیـة ممّا لا معنیٰ لها، و لیس کلّ شیء بید الـقدرة و الاختیار‏‎ ‎‏حتّیٰ یتصوّر لـه الـنفس أیَّ شیء شاء، بل الـعقل الـحِکمی ینظر إلـیٰ‏‎ ‎‏الـخارج یتنزّل بـه بلا ازدیاد و نقیصـة. فحیث إنّ الـخارج فاقد، فما للـذهن‏‎ ‎‏لیس إلاّ وهم.‏

‏و أمّا الـتبعیـة فهو ما قد سلـف منّا تاییدُه فی بعض تعالـیقنا، إلاّ أنّ ذلک‏‎ ‎‏غیر تمام؛ لأنّ الـمادّة الـتبعیـة لیست معناه إلاّ أنّ الـعرض یتبع الـموضوع، و‏‎ ‎‏أمّا أنّ الـعرض مرکّب تبعاً و بسیط ذاتاً ممّا لا یرجع إلـیٰ معنیً محصّل. و أمّا‏‎ ‎‏الـجنس و الـفصل بلا مادّة و صورة لا معنیٰ لـه؛ لقیام الـبرهان علـیٰ أنّ‏‎ ‎‏الـجنس هو الـمعنیٰ الـمشترک ولو لم یکن فی الـواقع معنیً اشتراکی و‏‎ ‎‏لا معنیً نفرضـه إلاّ بمجرّد الـوهم و الـخیال.‏

‏فتحصّل: أنّ الـبسائط لا جنس لها و لا فصل، بل الـبسائط عبارة عن‏‎ ‎‏الـحقائق الـوجودیـة الـخارجـة عن حقیقـة الـماهیات و الـمفاهیم، و‏‎ ‎‏الـداخلـة فی معنیٰ الـمتأصّلات و الـمتعیّنات و هو الـوجود نظیر الـصورة‏‎ ‎‏الـنوعیـة ـ علـیٰ رأی الـمصنّف ـ ، و من تلـک الـمعانی الـهیولیٰ عنده و هو‏‎ ‎‏عندی مخدوش سیأتی بیانـه.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه


‎[[page 538]]‎قوله:‏ فکذا الـمراد بالاستعداد و الـمستعدّ.‏‏[‏‏5 : 118 / 16‏‏]‏

‏و ملـخّص الـجواب بحیث یکون الاستعداد الـواقع فی الـتعریف أمراً‏‎ ‎‏ذاتیاً: أنّ الاُمور الـواقعـة فی الـتعریف الـحقیقی لابدّ و أن یکون ذاتیاً، إلاّ أنّ‏‎ ‎‏الـمرکّبات الـحقیقیـة الـذاتیاتُ الـواقعـة فی تعریفها هو الـذاتی فی باب‏‎ ‎‏الإیساغوجی، و هو الـجنس و الـفصل اللـذین لهما الـمأخذُ الـتکوینی و‏‎ ‎‏الـعینی کما مضیٰ فی الـحاشیـة الـسابقـة، و الـبسائط الـعینیـة الـذاتیاتُ‏‎ ‎‏الـواقعـة فی تعریفهم هو الـخوارج الـمحمول الـذی یعدّ ذاتیاً فی باب‏‎ ‎‏الـبرهان.‏

‏إذا عرفت ذلک فاعلـم: أنّ مفهوم الاستعداد مثل مفهوم الـوجود فکما أنّ‏‎ ‎‏ذاتـه تعالـیٰ الـواقع فی مبدأ الـقوس الـنزولی و منتهیٰ الـصعودی بذاتـه منشأ‏‎ ‎‏اعتبار الـمفهوم الـمصدری الـذی من الـمعقولات الـثانیـة، و الـممکناتُ کلّها‏‎ ‎‏من جهةٍ تقییدیـة علـیٰ مسلـک، و تعلـیلـیـة علـیٰ مسلـکٍ آخر منشأ اعتبار‏‎ ‎‏الـوجود، فنسبـة ذلک الـمفهوم إلـیـه تعالـیٰ ذاتی فی باب الـبرهان، و‏‎ ‎‏تعریفـه بالـوجود حسن کما عرّفـه نفسـه بأنّ الله نور الـسماوات و الأرض،‏‎ ‎‏و نسبـة ذلک الـمفهوم إلـیٰ الـممکنات عرضی معلّل، و تعریفهم بـه تعریف‏‎ ‎‏بأمر عرضی، و هو غیر صحیح. کذلک الاستعداد نسبتـه إلـیٰ الـهیولیٰ الـواقع‏‎ ‎‏فی منتهیٰ الـقوس الـنزول و مبدأ الـقوس الـصعود نسبـة الـذاتی فی‏‎ ‎‏الـبرهان إلـیـه، فهو حدّ لـه أی الـهیولیٰ هو الاستعداد. و أمّا الـقوّة الـعارضـة‏‎ ‎‏علـیها الـلاحقـة بها الـمعلـولـة لها فهو الاستعداد؛ أی استعداد من جهـة‏‎ ‎‏الـتقیید أو الـتعلـیل مثلاً، و أخذ مفهوم الاستعداد فی تعریفـه أخذ الـمعنیٰ‏‎ ‎‏الـعرضی لـه، فماهیـة تلـک الـقوّة یتّصف بالاستعداد بتوسیط الاستعداد‏‎ ‎
‎[[page 539]]‎‏الـذاتی الـثابت للـهیولیٰ. فتمام خلـط الـشیخ الـمقتول من جهـة الـقصور‏‎ ‎‏إلـیٰ الـتنبّـه فی جانب الاستعداد و أنّـه لـه مصداق ذاتی و مصداقی عرضی،‏‎ ‎‏فافهم و اغتنم.‏

العبد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏ ‏

 

[[page 540]]

  • )) لم نعثر علیه فیه، فلعلّه سهوٌ من قلمه الشریف. لاحظ شرح الهدایة الأثیریة : 29 و مابعده.

انتهای پیام /*