فصل (5) فی نفی الأشدّ و الأضعف و التضادّ فی الأشکال
قوله: و الـتضادّ.[4 : 181 / 19]
أقول: الأشدّیـة و الأضعفیـة مثل الـتضادّ فی الـصدق؛ أی کما أنّـه لایتصوّر الـتضادّ إلاّ فیما إذا صحّت الاستحالـة، کذلک لایتصوّر الأشدّیـة و الأضعفیـة إلاّ فیما إذا صحّت الاستحالـة. و أمّا عکس نقیضـه صادق بنحو الـجزئیـة دون الـکلّیـة؛ لما أنّ الـمجرّدات و الـوجودات تقبل الأشدّیـة و الأضعفیـة و لا تقبل الاستحالـة کما أنّ قولـه: «لا یقبل الاستحالـة فلا یقبل الـتضادّ» أیضاً من هذا الـقبیل.
من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه
قوله: فهذه الـواسطـة کأنّها محدودة.[4 : 182 / 5]
قد تقرّر أنّ الأشدّیـة و الأضعفیـة و الـتضادّ منوط بالاستحالـة، ولـکنّ الاستحالـة تنحصر فی الـکیفیات الـثلاثـة دون الـقسم الـرابع. فعلـیٰ ذلک لابدّ و أن یکون کلّ نوع من تلـک الأقسام قابلـة لتلـک الـخاصّـتین، و لمّا کانت الأوصاف الـنفسانیـة بین الـحالات الـثلاثـة ـ الإفراط و الـتفریط و الـوسط ـ یمکن نفی تلـک الـصفتین عنها فی الـفرض الـثالـث؛ لما أنّـه لا یمکن الأشدّیـة و الأضعفیـة فیها إلاّ بالـخروج عن الـفرض. اللـهمّ إلاّ أن
[[page 378]]یقال: کما أنّ الإفراط لـه الـمراتب الـضعیفـة و الـقویّـة، و هکذا الـتفریط، کذلک الـوسط مع خروجـه عن حدَّی الإفراط و الـتفریط، ولـکنّـه فرض و الـخارج یخالـفـه.
قوله: و أمّا هذا الـجنس الـرابع.[4 : 182 / 10]
أقول: فی نفی الأشدّیـة و الأضعفیـة فی هذا الـنوع لیس إشکال، ولـکن نفی الـتضادّ یتقوّم بإثبات کون تلـک الـصور نوعیـة لا عرضیـة، و حیث قد عرفت أنّها عرضیـة لا ذاتیـة، فإثبات الـتضادّ بناء علـیـه ممّا لا مانع منـه حتّیٰ فی الـسماویات و الـفلـکیات؛ ضرورة أنّ کلّ تضادّ لا یستلـزم الاستحالـة؛ لما أنّ الاستحالـة من خواصّ الـصور الـجسمیـة الـعنصریـة و الـمزاج الأرضیـة. و أمّا ثبوت حالـة قارّة فی طرف منها مع حالـة قارّة اُخریٰ فی طرف آخر فهو ممّا یکون بینهما تضادّ و إن لم یستحیلا، و هذا ممّا لا غبار فیـه.
ثمّ علـیٰ مذهبنا من تقسیم الـکمّیات إلـیٰ أقسام ثلاثـة و عدّ الـکیفیات الاستعدادیـة من الـکیفیات الـمحسوسـة، فیلـزم إثبات الاشتداد فی قسم من الـمحسوسات و نفیها فی الـقسم الآخر.
ثمّ إنّ الـتنبیـه علـیٰ نکتـة ممّا لابدّ منـه و هو: أنّ ما مرّ فی الـحاشیـة الـسابقـة من انحصار حدّ الإفراط و الـتفریط و الـوسط بالـکیفیات الـنفسانیـة، فی غیر محلّـه کما یظهر من الـماتن أیضاً؛ فإنّ الـمبصرات بل کلّ الـمحسوسات لها الـحدود الـمتفاوتـة و الـحدّ الـوسط محدود لا یأتی فیـه الأشدّیـة و الأضعفیـة و الازدیاد و الـنقص. فعلـیٰ ذلک لایتوهّم الإشکال من: أنّ الـکیفیات الـمحسوسـة لابدّ و أن تزداد و تنقص و إن کانت الـکیفیات الـمختصّـة بالـکمّیات من الـمحسوسات لابدّ و أن تنقسم، و هو ممنوع؛
[[page 379]]ضرورة أنّ الـکیفیات الـنفسانیـة و الـمحسوسـة کلّها قابلـة لتلک الـجهـة بل الـکیفیات الاستعدادیـة أیضاً کذلک.
من العبد السیّد مصطفیٰ
قوله: سلـباً یقارن جنس الـموضوع.[4 : 183 / 10]
أی الـعدد لا الـعدد الـمخصوص و الـنوع الـمعیّن منـه.
ثمّ إنّ الـتحقیق: أنّ الأنواع الـعددیـة متحصّلات لا تتبدّل و لا تتغیّر و یکون کلّ نوع منـه محفوظاً فی نوعیتـه إن تنقص أو یزداد، و قد مرّ سابقاً تفصیل ذلک و أوضحناه فی بعض تعالـیقنا علـیٰ کتب الـشیخ کـ«الـشفاء». و علـیٰ هذا لاضدّیـة و لاندّیـة بین الأعداد رأساً، و لاتتقبّل الـقسمـة و لا الازدیاد حتّیٰ یقال بعدم الاشتداد فیها، و تمام الـکلام یطلـب من محلّـه و سیوافیک بعض الـبحث من ذی قبل.
[[page 380]]