سورة البقرة

حول الاسم «المضلّ»

الآیة السادسة من سورة البقرة / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 154452 | تاریخ : 17/03/1395

حول الاسم «المضلّ»

‏ ‏

من المحرّر فی محلّه والمقرّر عند أهله:‏ أنّ لکلّ اسم من الأسماء الإلهیّـة،‏‎ ‎‏وکلّ صفـة من الـنعوت الـربّانیـة، مجلیً ومظهراً فی الـمراتب الـنازلـة‏‎ ‎‏والـمشاهد الـقُدسیـة والـمواقف الاُنسیّـة، ومن الأسماء والـنعوت‏‎ ‎‏الـکمالـیـة «الـمضلّ»، کما أسنده الـیٰ نفسـه تعالـیٰ فی کثیر من الآیات‏‎ ‎‏الـقُرآنیـة والاستعمالات الـفُرقانیـة، قال اللّٰه تعالـیٰ: ‏‏«‏أَتُرِیدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ‎ ‎أَضَلَّ اللّٰهُ‏»‏‎[1]‎‏، وقال: ‏‏«‏أَفَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللّٰهُ عَلَیٰ‎ ‎عِلْمٍ‏»‏‎[2]‎‏، وقال: ‏‏«‏تُضِلّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِی مَنْ تَشَاءُ‏»‏‎[3]‎‏، وأسنده الـیـه‏‎ ‎‏تعالـیٰ غیره من الأنبـیاء، کما فی الآیـة الأخیرة.‏


‎[[page 139]]‎فعلیٰ هذا الأصل الأصیل نقول:‏ إنّ الـذین کفروا وشَقُوا هم أهل الـقهر‏‎ ‎‏الإلهی، لاینجح فیهم الإنذار، ولا سبـیل الـیٰ خلاصهم من الـنار ‏‏«‏أُولٰئِکَ حَقَّتْ‎ ‎عَلَیْهِمْ کَلِمَةُ رَبِّکَ إِنَّهُمْ لاَیُؤْمِنُون‏»‏‏ ‏‏«‏‏وَکَذٰلِکَ حَقَّتْ کَلِمَةُ رَبِّکَ عَلَیٰ الَّذِینَ کَفَرُوا‏‎ ‎‏إِنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ‏‏»‏‎[4]‎‏ وسُدّت علیهم الـطرق واُغلقت علیهم الأبواب؛ إذ‏‎ ‎‏الـقلب هو الـمِشعر الإلهی الـذی هو محلّ الإلهام، فحجبوا عنـه فحقّت علیهم‏‎ ‎‏الآیـة الآتیـة: ‏‏«‏خَتَمَ اللّٰهُ عَلَیٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَیٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَیٰ أَبْصَارِهِمْ‎ ‎غِشَاوَةٌ‏»‏‎[5]‎‏ فهم مجالـی ومظاهر الاسم «الـمُضِلّ» علیٰ سبـیل الاستلزام،‏‎ ‎‏والـشیطان مظهره علیٰ سبـیل الـمطابقـة.‏

‏وأمّا کیفیّـة تطبـیق هذا الأصل الأصیل علیٰ الـقواعد الـعقلیّـة الاُخر،‏‎ ‎‏وعلیٰ الاُصول الـعقلائیّـة فی أبواب الـجنّـة والـنار والاستحقاق‏‎ ‎‏والـلااستحقاق، فهو موکول الـیٰ الـمحالّ الاُخر الأنسب ، وقد أشرنا فی‏‎ ‎‏بحوث فلسفیّـة الـیٰ رمز هذه الـقاعدة الـعرفانیّـة، وتفصیلـه بمبادئها‏‎ ‎‏الـعلمیـة الـبُرهانیّـة ، یطلب من قواعدنا الـحَکَمیـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ الاسم «الـمُضِلّ» لایستدعی وجود الـضالّ علیٰ سبـیل‏‎ ‎‏الـعلّیـة الـتامّـة، فإنّ الـشیطان مظهر الاسم الـمذکور، ویکفی لمظهریّتـه‏‎ ‎‏إضلالـه وإراءة غیر الـواقع من غیر انسلاب الاختیار؛ لأنّـه لا سلطان لـه علیٰ‏‎ ‎‏أحد سلطنـة قاهریّـة.‏

‎ ‎

‎[[page 140]]‎

  • )) الـنساء (4) : 88 .
  • )) الـجاثیـة (45) : 23 .
  • )) الأعراف (7) : 155 .
  • )) غافر (40) : 6 .
  • )) البقرة (2) : 7 .

انتهای پیام /*