سورة البقرة

المسألة الاُولیٰ : حول صدور الکثیر عن الواحد

الآیة الرابعة من سورة البقرة / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 154535 | تاریخ : 19/03/1395

المسألة الاُولیٰ

‏ ‏

حول صدور الکثیر عن الواحد

‏ ‏

‏اختلفوا فی صدور الـکثیر عن الـواحد وعدمـه علیٰ أقوال وآراء،‏‎ ‎‏تفصیلها فی الـمفصّلات‏‎[1]‎‏.‏

وإجماله:‏ اتّفاقهم علیٰ امتناع صدور الـکثیر عن الـواحد بالـوحدة‏‎ ‎‏الـحقّـة الـحقیقیّـة الأصیلیّـة، فإنّـه لایعقل صدور الـکثیر منـه، ومن هو‏‎ ‎‏الـمتوحّد بتلک الـوحدة هو الـواجب ـ عزّ اسمـه ـ فلایعقل صدور الـکثیر‏‎ ‎‏منـه تعالـیٰ.‏

‏هذا، وقد نطق الـکتاب بخلاف هذه الـمقالـة لقولـه: ‏‏«‏یُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ
‎[[page 39]]‎إِلَیْکَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ‏»‏‎[2]‎‏ مع أنّ الـنازل کثیر قطعاً، والـمُنزِل هو اللّٰه تعالـیٰ،‏‎ ‎‏وجبریل هو الـواسطـة بالـضرورة، فیصدر الـکثیر منـه تعالـیٰ، ویسقط الـرأی‏‎ ‎‏الـسخیف الـمزبور.‏

أقول:‏ من استدلّ بهذه الآیـة لایخلو عن الانحراف، فإنّ الـقرآن کثیراً ما‏‎ ‎‏ینسب الـنزول الـیٰ مَلَک الـوحی، قال فی سورة الـشعراء: ‏‏«‏نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ‎ ‎الْأَمِینُ عَلَیٰ قَلْبِکَ‏»‏‏، فربّما کان فی الإتیان بـه هنا مجهولاً إشارة الـیٰ صحّـة‏‎ ‎‏الـقاعدة الـمزبورة.‏

‏هذا، ولا معنیٰ للتمسّک بمثلـه، بل الـقرآن من أوّلـه الـیٰ آخره یسند‏‎ ‎‏الأفعال الـکثیرة الـیـه تعالـیٰ، فلو کان الاستدلال الـمزبور صحیحاً لصحّ هذا،‏‎ ‎‏وحیث إنّ الـمحرّر فی محلّـه: أنّ الـحقائق الـحَکَمیّـة والـدقائق الـعلمیّـة،‏‎ ‎‏لاتقتنص من الإطلاقات الـلُّغویّـة، ولا من الـدلالات الـوضعیّـة، فلا معنیٰ‏‎ ‎‏للغور فی ردّ الـمسائل الـفلسفیّـة إلاّ فی صورة عدم قیام الـبراهین الـعقلیّـة‏‎ ‎‏الـقطعیّـة، وکأنّـه یتمسّک الأخباری بالأخبار والآثار علیٰ جواز اجتماع‏‎ ‎‏الـنقیضین، فکما أنّـه لیس من الاستدلال الـمفید، کذلک الأمر هنا، فلابدّ من‏‎ ‎‏إقامـة الـبراهین علیٰ وجوب صدور الـکثیر، أو رفض الـبراهین الـقائمـة‏‎ ‎‏علیٰ امتناعـه؛ حتّیٰ یمکن الـتمسّک بالـظواهر علیٰ فرض حجّیّـتها فی هذه‏‎ ‎‏الـمراحل، فلاتخلط.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 40]]‎

  • )) راجع الأسفار 2 : 204 ـ 210 و 7 : 204 ـ 244 ، والقبسات : 351 ـ 367 ، وشوارق الإلهام 1 : 206 ـ 215 .
  • )) الشعراء (26) : 193 ـ 194 .

انتهای پیام /*