المقصد الثالث فی النواهی

المقدّمة الاُولیٰ : فی عنوان المسألة وتحریر مصبّ النزاع

کد : 154566 | تاریخ : 12/11/1385

المقدّمة الاُولیٰ : فی عنوان المسألة وتحریر مصبّ النزاع

‏ ‏

‏العنوان المحکیّ عن المشهور هکذا: «هل یجوز اجتماع الأمر والنهی فی‏‎ ‎‏شیء واحد، أم لا؟»‏‎[1]‎‏ وقد عدل عنه المتأخّرون؛ بأنّ عدم جواز الاجتماع من‏‎ ‎‏الواضحات، فیکون العنوان القابل للنزاع هکذا: «هل یستلزم تعلّق الأمر بشیء‏‎ ‎‏والنهی عن الشیء الآخر المتّحدین إیجاداً ووجوداً، اجتماع الأمر والنهی فی الشیء‏‎ ‎‏الواحد، أم لا؟» فیکون النزاع صغرویّاً، لا کبرویّاً‏‎[2]‎‏.‏


‎[[page 113]]‎أقول:‏ إن اُرید من الوحدة الوحدة الجنسیّة أو الوحدة النوعیّة، فإن کان لدلیل‏‎ ‎‏الأمر والنهی إطلاق؛ حتّیٰ یکون الواجب هی الوحدة الجنسیّة المطلقة، لا المهملة،‏‎ ‎‏وهکذا فی ناحیة الوحدة النوعیّة، فلا یعقل الجواز بالضرورة؛ بداهة أنّ عقل کلّ‏‎ ‎‏عاقل یدرک امتناع کون الحرکة المطلقة واجبةً ومحرّمة، أو الصلاة المطلقة واجبةً‏‎ ‎‏ومحرّمةً. والأوّل مثال الوحدة الجنسیّة، والثانی مثال الوحدة النوعیّة.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّهما مثالان فی العلوم الاعتباریّة، ولا صحّة لهما فی العلوم‏‎ ‎‏الحقیقیّة؛ ضرورة أنّ الحرکة لیست من الأجناس العالیة إلاّ عند بعض الأعیان‏‎[3]‎‏،‏‎ ‎‏والصلاة لا تکون من الأنواع الحقیقیّة، فتدبّر تعرف.‏

‏وإن کانت الوحدة الجنسیّة أوالنوعیة مهملة، فجواز الاجتماع من‏‎ ‎‏الضروریّات الواقعة فی الشرائع، فلا معنیٰ للنزاع فی هاتین الوحدتین بعد ذلک.‏

‏وما ربّما یقال: من أنّ امتناع الاجتماع واضح بمثابة لا ینکره الأشعریّ؛ لأنّه‏‎ ‎‏من التکلیف المحال، وکیف یعقل أن یدّعی الأشعری کون الواحد مبغوضاً‏‎ ‎‏ومحبوباً‏‎[4]‎‏؟! فهو لقصور البال؛ ضرورة أنّ التکلیف بالمحال یرجع إلیٰ التکلیف‏‎ ‎‏المحال، وأنّ الأشعری وإن لم یدّعِ اجتماع الحبّ والبغض فی شیء واحد، ولکن‏‎ ‎‏یدّعی أنّ فی مورد الأمر والنهی لا یلزم أن یکون حبّ وبغض، بل یمکن ذلک‏‎ ‎‏جزافاً، فتدبّر تعرف إن شاء الله تعالیٰ.‏

‏وإن اُرید من «الواحد» فی العنوان الواحد الشخصیّ، ففیه أنّ الشخصیّة من‏‎ ‎‏تبعات الوجود الخارجیّ، بل هی هو، والخارج ظرف سقوط التکلیف، ولا یعقل‏‎ ‎‏ثبوت للأمر ولا للنهیّ حتّیٰ یبحث عن اجتماعهما وعدم اجتماعهما، فعلیٰ هذا‏‎ ‎‏یسقط العنوان المزبور عن قابلیّته لمصبّ النفی والإثبات.‏


‎[[page 114]]‎‏ومن هنا یظهر: أنّ ما أفاده المتأخّرون من صغرویّة النزاع، وقرّروه بالوجه‏‎ ‎‏المزبور، فهو أیضاً باطل عاطل؛ لأنّ الغصب والصلاة فی عالم العنوانیّة لا یتداخلان‏‎ ‎‏بالضرورة، ولا معنیٰ لتداخلهما، وفی الخارج لا یبقی الأمر ولا النهی حتّی یتجاوز‏‎ ‎‏کلّ إلیٰ ساحة الآخر کلّها، أو إلیٰ جزء منها.‏

‏ولأجله عدل الوالد المحقّق ـ مدّظلّه عن العنوانین وقال: والأولیٰ أن یقال:‏‎ ‎‏هل یجوز اجتماع الأمر والنهی علیٰ عنوانین متصادقین علیٰ واحد فی الخارج، أم‏‎ ‎‏لا؟ فیکون النزاع کبرویّاً‏‎[5]‎‏.‏

‏وأحسن من ذلک أن یقال: هل یجوز أن یتعلّق الأمر والنهی بالعنوانین‏‎ ‎‏المتصادقین علیٰ واحد شخصی فی الخارج، أم لا؟.‏

وبعبارة أوضح:‏ لا شبهة فی جواز تعلّقهما بالعنوانین غیر المتصادقین‏‎ ‎‏بالضرورة، کعنوان «الزکاة» و«القمار» وإنّما الشبهة فی جواز تعلّقهما بالعنوانین‏‎ ‎‏المتصادقین أحیاناً علیٰ الواحد ک «الصلاة» و«الغصب» وعدمه، فالتعبیر ب «جواز‏‎ ‎‏الاجتماع» لا یخلو من مسامحة؛ لأنّه لا یلزم اجتماع الأمر والنهی فی مرحلة من‏‎ ‎‏المراحل علیٰ شیء واحد، ومع تعدّد المتعلّق لا یعدّ من اجتماعهما، والأمر سهل‏‎ ‎‏بعد ذلک.‏

أقول:‏ یتوجّه إلیه ـ مدّظلّه أنّ مورد النزاع، أعمّ من کون العنوانین متصادقین‏‎ ‎‏علیٰ الواحد فی الخارج، أم کان الصدق فی عالم العناوین والمفاهیم؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏الجنس یصدق علیٰ النوع من غیر لزوم کون المصداق موجوداً خارجیّاً، فعلیٰ هذا‏‎ ‎‏کما یکون النزاع فی العنوانین المتصادقین علیٰ الخارج، کذلک یکون فی‏‎ ‎‏المتصادقین علیٰ الکلّی الذی هو دون الطبیعة الواقعة تحت الأمر، والطبیعة الواقعة‏‎ ‎‏تحت النهی.‏


‎[[page 115]]‎مثلاً:‏ إذا أمر المولیٰ بالعبادة، ونهیٰ عن الحرکة، فبما أنّ العنوانین یتصادقان‏‎ ‎‏علیٰ الصلاة دون الصوم، یقع المجمع للعنوانین کلّیاً، وتکون الصلاة مصبّ صدق‏‎ ‎‏الحرکة والعبادة، وهکذا الصلاة الغصبیّة، کما أفاد «الکفایة» فانّه الکلّی المقیّد،‏‎ ‎‏وتکون بما أنّه المغصوبة مورد النهی، وبما أنّها صلاة مورد الأمر‏‎[6]‎‏.‏

‏فعلیٰ هذا، یکون المراد من «الواحد» هی وحدة المجمع؛ سواء کانت وحدة‏‎ ‎‏جنسیّة، أو نوعیّة، أو صنفیّة، أو شخصیّة، وممّا ذکرنا یظهر ضعف ما أفاده ـ دام ظلّه ‏‎ ‎‏فی توضیح مرامه، فراجع‏‎[7]‎‏.‏

قلت:‏ لا شبهة فی أنّ الواحد الشخصیّ یمکن أن یکون مورد النزاع؛ لإمکان‏‎ ‎‏کونه مجمعاً، فیقال: «هذه الحرکة الخارجیّة واجبة من حیث، ومحرّمة من حیث‏‎ ‎‏آخر» وأمّا سائر الوحدات الکلّیة المطلقة والمقیّدة، فهی وإن کانت مجمعاً للعناوین‏‎ ‎‏العامّة، ولعنوان المأمور به والمنهیّ عنه، إلاّ أنّه بالتقیّد یصیر واحداً نوعیّاً مثلاً،‏‎ ‎‏وکلّیاً مقیّداً، وعند ذلک هل یعقل دعویٰ: أنّ الصلاة المغصوبة واجبة بما أنّها صلاة،‏‎ ‎‏ومحرّمة بما أنّها غصب؟! مع أنّ الصلوة المتقیّدة بکونها غصباً أو الغصب المتقیّد‏‎ ‎‏بالصلاتیّة، لا یقبل الانحلال إلیٰ حیثیّتین، بخلاف ما فی الخارج، فإنّه نشیر إلیٰ ما‏‎ ‎‏فی الخارج ونقول: «إنّه محرّم؛ لأنّه غصب» من غیر النظر إلیٰ صلاتیّته؛ وأنّه واجب‏‎ ‎‏لأنّه صلاة.‏

‏فالکلّی المقیّد وإن کان ذاوجهین بحسب الصدق، ویصدق علیه العنوانان،‏‎ ‎‏ولکنّه لا یعقل فرض الاجتماع؛ لأنّ مع فرض أنّها مغصوبة ومع فرض أنّها صلاة،‏‎ ‎‏یلزم کون متعلّق الأمر والنهی واحداً بالضرورة من غیر لزوم التشاحّ والنزاع،‏‎ ‎‏فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏


‎[[page 116]]‎وبعبارة اُخریٰ:‏ کما لا یعقل وحدة متعلّق الأمر والنهی، کذلک لا یعقل کون‏‎ ‎‏الواحد المرکّب والمقیّد، مجمعَ الأمر والنهی؛ للزوم کون الجزء من المرکّب متعلّق‏‎ ‎‏الأمر والنهی بالضرورة من غیر غشاوة، ومسألة اجتماع الأمر والنهی لیست هکذا.‏

‏فیکون علیٰ هذا منحصراً مورد النزاع بالواحد الشخصیّ الذی یکون مجمع‏‎ ‎‏العنوانین،ویصدق علیه أنّه محرّم؛ لکونه غصباً، وواجب لکونه صلاة؛ برجوع‏‎ ‎‏الحیثیّة التعلیلیّة إلیٰ التقییدیّة، مع عدم لزوم فرض الغصب فی مورد تعلّق الوجوب،‏‎ ‎‏وفرض الصلاة فی مصبّ تعلّق الحرمة، بل وصف المحرّمیة والواجبیّة ثابت للواحد‏‎ ‎‏الشخصیّ مع قطع النظر حال توصیفه بأحدهما عن الآخر، فتدبّر.‏

‏فما أفاده ـ مدّظلّه من التوضیح‏‎[8]‎‏ فی غیر محلّه، کما أنّ ما ذهب إلیه جمهور‏‎ ‎‏المتأخّرین‏‎[9]‎‏ فی غیر مقامه.‏

إن قلت:‏ الکلّی المقیّد کالصلاة المغصوبة، مجمع العنوانین، وسرایة الوجوب‏‎ ‎‏من أحد الجزءین إلیٰ الجزء الآخر، والحرمة من الجزء الغصبیّ إلیٰ الجزء الصلاتیّ،‏‎ ‎‏محلّ الخلاف بین المجوّزین والمانعین‏‎[10]‎‏.‏

قلت:‏ کلاّ؛ لأنّ الکلّی المأخوذ موضوعاً للوجوب والحرمة، قابل للتعلیل،‏‎ ‎‏فیقال: «الصلاة المغصوبة واجبة؛ لأنّها صلاة، ومحرّمة لأنّها غصب» وهذه العلّة إمّا‏‎ ‎‏تکون غیر راجعة إلیٰ قید الموضوع، فیلزم اجتماع الأمر والنهی فی المتعلّق، وهو‏‎ ‎‏واضح الفساد، وإمّا ترجع الحیثیّة التعلیلیّة إلیٰ الحیثیّة التقییدیّة، فلا معنیٰ لحمل‏‎ ‎‏الوجوب علیٰ المرکّب من الجزءین اللذین أحدهما أجنبیّ، کما هو الظاهر.‏


‎[[page 117]]‎‏فما هو فیه مناط البحث ومورد النزاع؛ هو الواحد الشخصیّ الذی یصحّ أن‏‎ ‎‏یوصف بالحرمة والوجوب، من غیر کون الحیثیّة الواحدة موصوفة بهما، ومن غیر‏‎ ‎‏کون أحد الوصفین ملحوظاً فی الوصف الآخر.‏

‏وإلیٰ هنا تحرّر وتقرّر: أنّ ما جعله المشهور عنواناً للبحث قابل للتصحیح‏‎ ‎‏بأن یکون المراد من «الواحد» المجمع الواحد، لا المتعلّق الواحد، کما هو الظاهر.‏

‏نعم، ینبغی أن یکون عنوان البحث هکذا: «إذا تعلّق الأمر والنهی بالعنوانین‏‎ ‎‏المتصادقین علیٰ واحد شخصیّ، الموجودین بالإیجاد الواحد والوجود الفارد، فهل‏‎ ‎‏یمکن إبقاء الأمر والنهی علیٰ حالهما، أم لا؟» فإنّ التعبیر بـ «الاجتماع» و«اللا‏‎ ‎‏اجتماع» غیر صحیح جدّاً؛ لعدم اجتماعهما فی المتعلّق فی مقام الإنشاء والجعل فی‏‎ ‎‏أیّ وعاء من الأوعیة بالضرورة کما یأتی‏‎[11]‎‏، وعلیٰ هذا یصیر النزاع کبرویّاً، ولا‏‎ ‎‏یعقل أن یکون صغرویّاً.‏

‏ولتوضیح ذلک نقول: لا شبهة فی أنّ أخذ العنوان الواحد من الکثیر بما هو‏‎ ‎‏کثیر، ممتنع برهاناً ووجداناً، ولا شبهة أیضاً فی أنّ أخذ العناوین الکثیرة من الواحد‏‎ ‎‏بجهة واحدة، مستحیل عقلاً ووجداناً، بل لابدّ من الجهات العدیدة حتّیٰ یتمکّن من‏‎ ‎‏أخذ العناوین الکثیرة من الواحد؛ وإن کانت تلک الجهات لحاظیّة، واعتباریّة غیر‏‎ ‎‏خارجیّة، فلا یلزم کون الواحد المزبور مرکّباً.‏

‏بل لا ینافی أن یکون بسیطاً غایته، فإنّ عنوان «العالم» و«القادر» ینتزعان‏‎ ‎‏من الواجب، ویکون کلّ واحد مأخوذاً لجهة خاصّة من غیر لزوم ترکیبه، کما تحرّر‏‎ ‎‏منّا فی «قواعدنا الحکمیّة»‏‎[12]‎‏.‏

‏وفیما نحن فیه إذا کان عنوان «الغصب» و«الصلاه» متکثّراً کما هو الواضح،‏‎ ‎
‎[[page 118]]‎‏فلابد من أخذ کلّ واحد من الخارج بجهة غیر الجهة التی یؤخذ منها الآخر، فعلیٰ‏‎ ‎‏هذا فهل یعقل أن یکون النزاع فی أنّ العناوین الکثیرة، هل یمکن أن تؤخذ من‏‎ ‎‏الواحد بجهة واحدة، أم لا؟!‏

وبعبارة اُخریٰ:‏ هل یدّعی القائل بالاجتماع أنّ عنوانی «الغصب» و«الصلاة»‏‎ ‎‏ینترعان من الجهتین الخارجیّتین، والامتناعی یقول: بأنّهما ینتزعان من الواحد‏‎ ‎‏بجهة واحدة، مع کونهما عنوانین مختلفین مفهوماً، فعلیٰ مثل هذاالتوضیح یتبیّن:‏

‏أنّ تحریر النزاع بشکل البحث الصغرویّ حول أنّ من تعلّق الأمر بعنوان،‏‎ ‎‏والنهی بعنوان آخر، موجودین بإیجاد واحد، ووجود واحد، یلزم اتحاد المتعلّق أم‏‎ ‎‏لا؟ من الغلط الظاهر؛ لأنّه مع کون عنوان «الغصب» وعنوان «الصلاة» بما هما‏‎ ‎‏عنوانان، لا یعقل کون منشئهما واحداً، وکیف یمکن لأحد دعویٰ: أنّ حیثیّة الصلاة‏‎ ‎‏والغصب واحدة؟! فإنّ وحدة الحیثیّة تستلزم وحدة العنوان بالضرورة.‏

‏فتحصّل حتّی الآن: أنّ النزاع لابدّ وأن یکون فی أنّ مع تعدّد الحیثیّتین‏‎ ‎‏والعنوانین، هل یعقل بقاء الأمر والنهی فی المجمع، أم الاتحاد فی المجمع یستلزم‏‎ ‎‏قصوراً فی الحکم الوجوبیّ أو التحریمیّ؟ بعد وضوح عدم سرایة الأمر من أحد‏‎ ‎‏العنوانین إلیٰ العنوان الآخر، وهکذا النهی، وبعد اتضاح أنّ هذه السرایة لا یعقل أن‏‎ ‎‏تکون فی الخارج؛ لأنّه ظرف السقوط، لا الثبوت والسرایة.‏

‏ومن هنا یسقط ما قد یتراءیٰ من کلام جمع من أنّ الترکیب بین الحیثیّتین إن‏‎ ‎‏کان اتحادیّاً فلایجوز، وإن کان انضمامیّاً یجوز‏‎[13]‎‏.‏

‏فإنّه مضافاً إلیٰ أجنبیّة هذه المسألة ـ کما یأتی‏‎[14]‎‏ـ من هذه القضیّة، لا معنیٰ‏‎ ‎
‎[[page 119]]‎‏للترکیب الاتحادیّ الراجع إلیٰ وحدة خارجیّة لحیثیّتین، مع کون العنوانین متکثّرین،‏‎ ‎‏فإنّ برجوع الکثیر إلیٰ الواحد ترجع العناوین الکثیرة إلیٰ واحدة، وإذا کان‏‎ ‎‏الاختلاف الاعتباریّ کافیاً ـ کما فی البسائط لانتزاع الکثیر، فلا معنیٰ للترکیب‏‎ ‎‏الاتحادیّ والانضمامیّ رأساً، فافهم واغتنم.‏

وبالجملة:‏ یعترف کلّ إنسان مع قطع النظر عن الشریعة: بأنّ الصلاة فی‏‎ ‎‏الأرض المغصوبة ینتزع منها عنوان «الصلاة» وینتزع منها عنوان «الغصب»‏‎ ‎‏واختلاف العناوین یکشف عن اختلاف المنشأ؛ إمّا اختلافاً واقعیّاً، کما فی‏‎ ‎‏المرکّبات، أو اختلافاً اعتباریّاً، کما فی البسائط، وعندئذٍ لا یتمکّن أحد من أن‏‎ ‎‏یقول: بأنّ حیثیّة الصلاة والغصب فی الخارج واحدة، فإنّه من قبیل تناقض الصدر‏‎ ‎‏والذیل، فإن کانا عنوانین فلا تکون الحیثیّة واحدة؛ وإن کانت واحدة فلا یبقیٰ‏‎ ‎‏لفرض العنوانین وجه.‏

‏فحدیث السرایة وحدیث الترکیب الاتحادیّ والانضمامیّ، من أساطیر‏‎ ‎‏الأوّلین الغافلین عن المسائل العقلیّة، وعن الأحادیث العلمیّة، وما هو الحدیث هو‏‎ ‎‏أنّ فی مورد التصادق هل تبقی الإرادتان الإلزامیّتان علیٰ حالهما من الباعثیّة‏‎ ‎‏والزاجریّة أم تنتفی إحداهما وتبقی الاُخریٰ من غیر سرایة الإرادة الباقیة إلیٰ متعلّق‏‎ ‎‏الإرادة الزائلة؟ فافهم واغتنم، وکن من الشاکرین.‏

وإن شئت قلت:‏ إنّ النزاع حول الانحفاظ المزبور، والقول بعدم الانحفاظ،‏‎ ‎‏ینشأ من توهّم السرایة والترکیب الاتحادیّ، ومن التکلیف بالمحال، أوالتکلیف المحال.‏

‏أو إن شئت قلت: للامتناعیّ أن یقول بالترکیب الانضمامیّ، وله أن یقول بعدم‏‎ ‎‏السرایة، کما یظهر وجهه فی جوهر البحث، فمنه یعلم عدم ابتناء المسألة علیٰ‏‎ ‎‏الترکیب المزبور، وعلیٰ القول بالسرایة المذکورة. مع أنّ حدیث السرایة من‏‎ ‎‏الأباطیل، وحدیث الترکیب أجنبیّ عن بحوث الاعتباریّات، کما سیتّضح جدّاً، فعلیه‏‎ ‎
‎[[page 120]]‎‏تکون المسألة حول إمکان انحفاظ الإرادتین الإلزامیّتین المتعلّقة إحداهما بالبعث،‏‎ ‎‏والاُخریٰ بالزجر حال اجتماع المتعلّقین وتعانقهما فی الواحد الشخصیّ حسبما‏‎ ‎‏تحرّر‏‎[15]‎‏، أو فی الأعمّ منه ومن الکلّی بأقسامه.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ أصل النزاع فی هذه المسألة بناءً علیه، یکون کبرویّاً؛‏‎ ‎‏لرجوعه إلیٰ أنّه هل یمکن أن تجتمع تلک الإرادتان فی نفس المولیٰ حال اجتماع‏‎ ‎‏المتعلّقین فی الخارج؛ وتصادقهما علیه، أم لا یمکن المحافظة علیٰ جمعهما فی‏‎ ‎‏نفسه؟ والنزاعِ فی أنّ المراد من «الواحد» شخصیّ، أو کلّی، أو أعمّ، یکون صغرویّاً؛‏‎ ‎‏لأنّ من ینکر الأعمّیة مثلاً یدّعی: أنّ فی المجمع الکلّی یلزم وحدة المتعلّق زائداً‏‎ ‎‏علیٰ وحدة المجمع، وهو محال، ومن یدّعیها ینکر هذا اللازم، وسیأتی فی بحث‏‎ ‎‏اشتراط المندوحة وعدمها ما یغنیک فی المقام إن شاء الله تعالیٰ‏‎[16]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 121]]‎

  • )) قوانین الاُصول 1 : 140 / السطر 5 ، الفصول الغرویّة : 124 / السطر 20 ، کفایة الاُصول : 183 .
  • )) نهایة النهایة 1 : 210، أجود التقریرات 1 : 331، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّقالنائینی) الکاظمی 2: 396 ـ 397، نهایة الأفکار 2 : 408 ـ 409، نهایة الاُصول: 252 ـ 253 .
  • )) مجموعة مصنّفات شیخ الإشراق 1 : 11 و 278 .
  • )) نهایة الاُصول : 252 ، محاضرات فی اُصول الفقه 4 : 164 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 110 .
  • )) کفایة الاُصول : 183 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 109 ـ 110 .
  • )) نفس المصدر .
  • )) کفایة الاُصول : 170 و 183 ، نهایة الأفکار 2 : 408 ، محاضرات فی اُصول الفقه 4 : 170 ـ 172 .
  • )) کفایة الاُصول : 182 ـ 183 ، محاضرات فی اُصول الفقه 4 : 170 ـ 173 .
  • )) یأتی فی الصفحة 206 .
  • )) القواعد الحکمیة للمؤلف قدس سره (مفقودة) .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 409 ـ 411، محاضرات فیاُصول الفقه 4 : 165 .
  • )) یأتی فی الصفحة 146 ـ 151 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 116 ـ 118 .
  • )) یأتی فی الصفحة 177 .

انتهای پیام /*