المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

الأمر الرابع : ما أفاده العلاّمة الأصفهانیّ المحشّی

کد : 154578 | تاریخ : 19/07/1395

الأمر الرابع : ما أفاده العلاّمة الأصفهانیّ المحشّی

‏ ‏

‏قال: «إنّ حقیقة الاستعمال إیجاد المعنیٰ فی الخارج باللفظ؛ حیث إنّ وجود‏‎ ‎‏اللفظ فی الخارج، وجود لطبیعیّ اللفظ بالذات، ووجود لطبیعیّ المعنی بالجعل‏‎ ‎‏والمواضعة والتنزیل، لا بالذات.‏

‏وحیث إنّ الموجود الخارجیّ بالذات واحد، فلا مجال لأن یقال: بأنّ وجود‏‎ ‎‏اللفظ وجود لهذا المعنیٰ خارجاً، ووجود لمعنی آخر، حیث لا وجود آخر کی‏‎ ‎‏ینسب إلی الآخر بالتنزیل.‏

‏ولیس الاستعمال إلاّ إیجاد المعنیٰ بنحو وجوده اللفظیّ خارجاً، وقد‏‎ ‎‏عرفت : أنّ الإیجاد والوجود متّحدان بالذات، وحیث إنّ الوجود واحد، فکذا‏‎ ‎‏الإیجاد»‏‎[1]‎‏ انتهیٰ.‏

وفیه أوّلاً :‏ أنّ هذا التقریب یستلزم امتناع الاشتراک؛ لأنّ امتناع الاستعمال‏‎ ‎‏متفرّع علیٰ کون اللفظ وجوداً لطبیعیّ المعنیٰ، ولایعقل کون اللفظ الواحد، داخلاً فی‏‎ ‎
‎[[page 319]]‎‏طبیعیّ المعنیین المختلفین ماهیّةً.‏

وثانیاً :‏ لیس الاستعمال إیجاد المعنیٰ، کما مرّ آنفاً.‏

وثالثاً :‏ إنّ الخلط بین الحقائق والاعتباریّات، غیر جائز علیٰ مثله الذی هو‏‎ ‎‏الواقف علیٰ مفاسده، ولذلک وقع فیه الآن؛ ضرورة أنّ اللفظ من مقولة، والمعنیٰ من‏‎ ‎‏مقولات شتّیٰ، ولایعقل الاندراج مطلقاً. وإذا صحّ الاندراج فی الجملة اعتباراً، فلا‏‎ ‎‏مضایقة من ذلک بنحو الکلّی؛ إذا کان فیه الغرض العقلائیّ، فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

فبالجملة :‏ القائلون بالامتناع إمّا یعتقدون بصحّة الاستخدام، أو لا ، لا سبیل‏‎ ‎‏إلی الثانی.‏

وعلی الأوّل :‏ إمّا یظنّون أنّ الضمیر یستعمل فی الکلمة بما لها من المعنیٰ، أو‏‎ ‎‏فی نفس المعنیٰ، أو لایستعمل إلاّ فیما وضع له؛ وهی الإشارة إلی المرجع، لاسبیل‏‎ ‎‏إلاّ إلی الثانی، وعلیه یتعیّن الاستعمال فی الأکثر؛ لأنّه حین قوله: «إذا نزل السماء‏‎ ‎‏بأرض قوم»‏‎[2]‎‏ یرید بالإرادة الاستعمالیّة المعنیین، وبالإرادة الجدّیة أحدَ المعنیین؛‏‎ ‎‏بقرینة قوله: «نزل» وإذا وصل إلیٰ قول الشاعر: «رعیناه وإن کانوا غضابا» یرید‏‎ ‎‏المعنی الثانی بالإرادة الجدّیة، أو یقال: أراد المعنیین من أوّل الأمر، إلاّ أنّه أظهر‏‎ ‎‏مراده بالقرینة فی محلّه، فلو کان الاستعمال ما توهّمه هؤلاء القوم ـ وهو إیجاد‏‎ ‎‏المعنیٰ باللفظ‏‎[3]‎‏ـ فلایمکن ذلک فی الاستخدام إلاّ بالاستعمال فی الأکثر.‏

‏نعم، بناءً علیٰ ماهو الحقّ فی الاستعمال؛ وهو الانتفاع من علق الوضع، فلک‏‎ ‎‏دعویٰ أنّه بالضمیر الراجع إلی اللفظ یتمکّن من الانتفاع؛ للزوم الانتقال إلی المعنیٰ‏‎ ‎‏بذلک الإرجاع، فتدبّر.‏

فتحصّل :‏ أنّ دعوی الامتناع، غیر قابلة للإصغاء إلیها.‏

‎ ‎

‎[[page 320]]‎

  • )) نهایة الدرایة 1: 152.
  • )) الشعر لمعاویة بن مالک، علی ما نقله فی لسان العرب 6 : 379 .
  • )) أجود التقریرات 1: 51 .

انتهای پیام /*