المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

هل یدخل اسم الزمان فی محل النزاع ؟

المبحث الثانی عشر : فی المشتقّ

کد : 156267 | تاریخ : 18/07/1395

هل یدخل اسم الزمان فی محل النزاع ؟

‏ ‏

‏نعم، فی خصوص اسم الزمان شبهة عقلیّة: وهی أنّ جریان النزاع متقوّم ببقاء‏
‎[[page 339]]‎‏الذات فی الحالة الفاقدة للمبدأ، حتّیٰ یمکن إجراء المشتقّ علیها، وهذا فی الحقیقة‏‎ ‎‏المتصرّمة بالذات المنقضیة ماهیّة، غیر ممکن. ولو أمکن حفظ الذات فی الزمان‏‎ ‎‏الحالیّ، للزم کون الزمان زمانیّاً، فیلزم التسلسل؛ لإمکان إجراء النزاع فی الزمان‏‎ ‎‏الثانی أیضاً.‏

أقول :‏ ربّما یمکن دعویٰ إجراء البحث فیه مع التصدیق بالشبهة العقلیّة؛‏‎ ‎‏وذلک لأنّ «مَفْعَل» موضوع لاسم وعاء الفعل الأعمّ من الوعاء المکانیّ والزمانیّ،‏‎ ‎‏وقد مرّ: أنّ إخراج الأوصاف اللاّزمة للذوات، فی غیر محلّه؛ لعدم مدخلیّتها فیما هو‏‎ ‎‏المقصود، لأنّ وضع الهیئات نوعیّ، فعلیه یندرج اسم الزمان فی محطّ البحث.‏

‏ولکنّها ـ مضافاً إلی أنّها دعویٰ بلا بیّنة وبرهان؛ ضرورة شهادة کلمات القوم‏‎ ‎‏علی اختصاص کلّ واحد بوضع علیٰ حدة، وإلاّ یلزم أن لایقال: «اسم الزمان واسم‏‎ ‎‏المکان» بل لابدّ وأن یقال: «ویسمّیٰ باسم الوعاء والظرف» ـ غیر تامّة عقلاً؛ لأنّ‏‎ ‎‏إدراجه بهذه الطریقة غیر لازم؛ لعدم ترتّب الثمرة علیٰ مثله، فلو کان فی ذلک نتیجة‏‎ ‎‏للبحث کان المستعمَل المزبور حسناً، ولکنّ هذا أیضاً یرجع إلیٰ إنکار دخول اسم‏‎ ‎‏الزمان، وإثبات دخول اسم الوعاء فی محلّ النزاع کما لایخفیٰ، فما رامه السیّد‏‎ ‎‏البروجردی ‏‏رحمه الله‏‏ فی المسألة‏‎[1]‎‏، غیر مقبول جدّاً.‏

‏وما فی «الکفایة» : «من أنّ انحصار المفهوم العامّ بفرد کما فی المقام،‏‎ ‎‏لایوجب أن یکون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العامّ، وإلاّ لما وقع الخلاف فیما‏‎ ‎‏وضع له لفظ الجلالة، مع أنّ «الواجب» موضوع للمفهوم العامّ، مع انحصاره فیه‏‎ ‎‏تبارک وتعالیٰ»‏‎[2]‎‏ـ وبعبارة اُخریٰ: لامانع عقلاً من الالتزام بالأعمّ فی اسم الزمان؛‏‎ ‎‏وأنّ الواضع وضعه للأعمّ، وإن کان دائماً یستعمل فی الأخصّ والمتلبّس بالفعل ‏
‎[[page 340]]‎‏لایخلو من غرابة؛ لما عرفت أوّلاً: أنّه لایترتّب الثمرة علیٰ مثل هذا الإدراج.‏

وثانیاً :‏ الوضع غیر المترتّب علیه الاستعمال والنتیجة لغو، فلاداعی للواضع‏‎ ‎‏إلیٰ مثل ذلک الوضع. وفیما ذکره من المثالین إشکالات مذکورة فی الحواشی‏‎[3]‎‏.‏

‏وبمثابة الجوابین المزبورین فی قبول الشبهة عقلاً، وتصویر اندراجه فی محلّ‏‎ ‎‏النزاع، ما عن العلاّمة النائینی زعماً «أنّ الذات المأخوذة فی المشتقّ، إن کانت‏‎ ‎‏شخصیّة فهی فانیة، وإن کانت کلّیة فلها مصداق باقٍ، فالقائل بالأعمّ یدّعی صدقها‏‎ ‎‏علیه، والأخصّی ینکره. فیوم العاشر من المحرّم هو الذات المأخوذة فی عنوان‏‎ ‎‏«مقتل الحسین ‏‏علیه السلام‏‏» لا تلک الساعة الخاصّة المتصرّمة المنقضیة»‏‎[4]‎‏ انتهیٰ.‏

‏وأنت خبیر بما فیه :‏

فأوّلاً :‏ إنّ العنوان الکلّی المأخوذ یتصوّر فی بعض الأمثلة، لا فی جمیع‏‎ ‎‏الحوادث الزمانیّة، واختراع العنوان الکلّی، خروج عن المتبادر من مفاد هیئة اسم‏‎ ‎‏الزمان.‏

وثانیاً :‏ معنیٰ ما أفاده جواز إطلاق «القائم» علیٰ من لم یتلبّس بالقیام بعدُ؛‏‎ ‎‏لأنّ العنوان المأخوذ فیه هو «الإنسان الکذائیّ» أو سائر العناوین القابلة للانطباق‏‎ ‎‏علی الأفراد الاُخر، فما أفاده خروج عن الجهة المبحوث عنها: «وهی زوال الوصف‏‎ ‎‏والمبدأ عن الشخص الموصوف، وبقاؤه بشخصه، وهو غیر متصوّر هنا، کما صرّح به‏‎ ‎‏نفسه الشریفة ‏‏رحمه الله‏‏ .‏

وثالثاً :‏ القائلون بالأعمّ یریدون إطلاق اسم «المقتل» علیٰ مطلق الأیّام‏‎ ‎‏المتأخّرة عن الیوم العاشر من المحرّم، لا علی الأفراد المسانخة معه فی الاسم وهو‏‎ ‎‏کلّ یوم عاشر من المحرّم، فافهم.‏


‎[[page 341]]‎‏ثمّ إنّه ربّما یتصدّیٰ بعض الأعلام‏‎[5]‎‏ لدفع الشبهة العقلیّة بإبقاء الذات؛ وذلک‏‎ ‎‏ـ ببیان منّا ـ لما تقرّر: من أنّ الوحدة الشخصیّة الاتصالیّة مساوقة للوجود، والزمان‏‎ ‎‏المتصرّم واحد بالشخص، ولیس ذا وحدات وکثرة فعلیّة؛ للزوم تتالی الآنات‏‎ ‎‏المنتهیة إلیٰ إمکان الجزء اللایتجزّأ، فلا فناء للذات المذکورة، والتقاسیم المعروفة‏‎ ‎‏خیالیّة وهمیة، لا خارجیّة فکّیة.‏

وإن شئت قلت :‏ لایعقل اتصاف الوجود بالعدم؛ لأنّ الشیء لایقبل نقیضه،‏‎ ‎‏ولیس الزمان إلاّ معتبراً عن الحرکة الطبعیّة فی ذوات الأشیاء الباقیة، ولو کان الزمان‏‎ ‎‏فانیاً فهو بمثابة فناء الزمانیّ، وکما أنّه باقٍ فهو یتبعه فی ذلک.‏

‏فلو کان عنوان «مقتل» منطبقاً علی الزمان الخیالیّ فهو باقٍ، کما یحکم علی‏‎ ‎‏الأزمنة السابقة بالأحکام الإیجابیّة.‏

‏وإن کان منطبقاً علی الزمان والتدرّج الواقعیّ التابع للمتدرّج، فکما أنّ ذات‏‎ ‎‏زید باقیة ومتدرّجة فهو مثلها؛ ضرورة أنّ الحرکات العرضیّة الأینیّة وغیرها، تابعة‏‎ ‎‏للحرکات الذاتیّة، وإلاّ یلزم الخلف، کما تقرّر فی مقامه‏‎[6]‎‏.‏

‏ولو التزم أحد من العقلاء ـ فرضاً ـ فی العالم؛ بصدق قولنا: «زید أبیض فی‏‎ ‎‏الحال» مع أنّه کان فی الیوم سنّه أکثر من مائة، وزمان بیاضه منذ زمن صغره‏‎ ‎‏وطفولیّته، فلا منع من التزامه بصدق قولنا: «هذا الزمان مقتل الحسین ‏‏علیه السلام‏‏».‏

فبالجملة :‏ خروج أسماء الزمان لشبهة عقلیّة، یستلزم خروج جمیع الهیئات؛‏‎ ‎‏لأنّ التدرّج ثابت فی الذوات علی الإطلاق، والجواب إن کان عرفیّاً عن الشبهة فی‏‎ ‎‏الذوات، فهکذا الأمر فی الزمان، وإن کان عقلیّاً فهکذا. وکما أنّ الوحدة الشخصیّة‏‎ ‎‏فی نفس الذات محفوظة، فهکذا فی الزمان الذی هو معتبر عن التدرّج الذاتیّ.‏


‎[[page 342]]‎وبعبارة اُخریٰ :‏ کما أنّ أصل زید باقٍ، والفانی خصوصیّاته غیر الدخیلة فی‏‎ ‎‏تشخّصه، کذلک أصل الزمان باقٍ، والفانی بعض خصوصیّاته ومراتبه، فما هو الباقی‏‎ ‎‏عقلاً وعرفاً هی الذات، ولکنّها فاقدة للمبدأ، فیکون محلّ التشاحّ والنزاع کما‏‎ ‎‏لایخفیٰ، فافهم واغتنم.‏

وبعبارة أوضح :‏ الزمان والزمانیّ متّحدان فی الأعیان، ومختلفان فی الأذهان،‏‎ ‎‏والشبهة لاتختصّ بالزمان، بل تسری فی جمیع المتصرّمات، فیلزم خروج جمیع‏‎ ‎‏الهیئات، وسقوط البحث، وما هو الجواب هناک هو الجواب هنا، فتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 343]]‎

  • )) نهایة الاُصول: 71 ـ 72.
  • )) کفایة الاُصول: 58 .
  • )) نهایة الدرایة 1: 173.
  • )) أجود التقریرات 1: 56 .
  • )) نهایة الاُصول: 72.
  • )) الحکمة المتعالیّة 3 : 61 ـ 67 ، 104 ـ 108 .

انتهای پیام /*