کتاب البیع
(مسألة 1): عقد البیع یحتاج إلی إیجاب وقبول،و قد یستغنی بالإیجاب عن القبول،کما إذا وکّل المشتری أو البائع صاحبه فی البیع و الشراء،أو وکّلا ثالثاً،فیقول:«بعت هذا بهذا»،فإنّ الأقوی عدم الاحتیاج حینئذٍ إلی القبول.والأقوی عدم اعتبار العربیة،بل یقع بکلّ لغة ولو مع إمکان العربی.
کما أنّه لا یعتبر فیه الصراحة،بل یقع بکلّ لفظ دالّ علی المقصود عند أهل المحاورة،ک«بعت»و«ملّکت»ونحوهما فی الإیجاب،و«قبلت»و«اشتریت» و«ابتعت»ونحو ذلک فی القبول.والظاهر عدم اعتبار الماضویة،فیجوز بالمضارع،و إن کان أحوط.ولا یعتبر فیه عدم اللحن من حیث المادّة و الهیئة والإعراب؛إذا کان دالّاً علی المقصود عند أبناء المحاورة،وعُدّ ملحوناً منه لا کلاماً آخر ذکر فی هذا المقام،کما إذا قال:«بعت»بفتح الباء أو بکسر العین وسکون التاء،وأولی بذلک،اللغات المحرّفة،کالمتداولة بین أهل السواد ومن ضاهاهم.
[[page 536]] (مسألة 2): الظاهر جواز تقدیم القبول علی الإیجاب إذا کان بمثل «اشتریت»و«ابتعت»؛إذا ارید به إنشاء الشراء،لا المعنی المطاوعی،ولا یجوز بمثل«قبلت»و«رضیت».و أمّا إذا کان بنحو الأمر والاستیجاب،کما إذا قال من یرید الشراء:بعنی الشیء الفلانی بکذا،فقال البائع:بعتکه بکذا،فالظاهر الصحّة و إن کان الأحوط إعادة المشتری القبول.
(مسألة 3): یعتبر الموالاة بین الإیجاب و القبول؛بمعنی عدم الفصل الطویل بینهما بما یخرجهما عن عنوان العقد و المعاقدة،ولا یضرّ القلیل؛بحیث یصدق معه أنّ هذا قبول لذلک الإیجاب.
(مسألة 4): یعتبر فی العقد التطابق بین الإیجاب و القبول،فلو اختلفا-بأن أوجب البائع علی وجه خاصّ؛من حیث المشتری أو المبیع أو الثمن أو توابع العقد من الشروط،وقبل المشتری علی وجه آخر-لم ینعقد.فلو قال البائع:
بعت هذا من موکّلک بکذا،فقال الوکیل:اشتریته لنفسی،لم ینعقد.نعم،لو قال:
بعت هذا من موکّلک،فقال الموکّل الحاضر غیر المخاطب:قبلت،لا یبعد الصحّة.ولو قال:بعتک هذا بکذا،فقال:قبلت لموکّلی،فإن کان الموجب قاصداً لوقوع البیع للمخاطب نفسه لم ینعقد،و إن کان قاصداً له أعمّ من کونه أصیلاً أو وکیلاً صحّ.ولو قال:بعتک هذا بألف،فقال:اشتریت نصفه بألف أو بخمسمائة،لم ینعقد،بل لو قال:اشتریت کلّ نصف منه بخمسمائة،لا یخلو من إشکال.نعم،لا یبعد الصحّة لو أراد کلّ نصف مشاعاً.ولو قال لشخصین:بعتکما هذا بألف،فقال أحدهما:اشتریت نصفه بخمسمائة،لم ینعقد،ولو قال کلّ منهما ذلک لا یبعد الصحّة و إن لا یخلو من إشکال.ولو قال:بعت هذا بهذا
[[page 537]]علی أن یکون لی الخیار ثلاثة أیّام-مثلاً-فقال:اشتریتُ بلا شرط،لم ینعقد، ولو انعکس؛بأن أوجب البائع بلا شرط وقبل المشتری معه،فلا ینعقد مشروطاً، وهل ینعقد مطلقاً وبلا شرط؟فیه إشکال.
(مسألة 5): لو تعذّر التلفّظ-لخرس ونحوه-تقوم الإشارة المفهمة مقامه؛ حتّی مع التمکّن من التوکیل علی الأقوی،ولو عجز عن الإشارة أیضاً فالأحوط التوکیل أو المعاطاة،ومع تعذّرهما إنشاؤه بالکتابة.
(مسألة 6): الأقوی وقوع البیع بالمعاطاة فی الحقیر و الخطیر.و هی:عبارة عن تسلیم العین بقصد صیرورتها ملکاً للغیر بالعوض وتسلّم العوض بعنوان العوضیة،والظاهر تحقّقها بمجرّد تسلیم المبیع بقصد التملیک بالعوض مع قصد المشتری فی أخذه التملّک بالعوض،فیجوز جعل الثمن کلّیاً فی ذمّة المشتری، وفی تحقّقها بتسلّم العوض فقط من المشتری بقصد المعاوضة إشکال و إن کان التحقّق به لا یخلو من قوّة.
(مسألة 7): یعتبر فی المعاطاة جمیع ما یعتبر فی البیع بالصیغة من الشروط الآتیة ما عدا اللفظ،فلا تصحّ مع فقد واحد منها؛سواء کان ممّا اعتُبر فی المتبایعین أو فی العوضین،کما أنّ الأقوی ثبوت الخیارات الآتیة فیها.
(مسألة 8): البیع بالصیغة لازم من الطرفین إلّامع وجود الخیار.نعم،یجوز الإقالة،و هی الفسخ من الطرفین.والأقوی أنّ المعاطاة أیضاً لازمة من الطرفین إلّا مع الخیار،وتجری فیها الإقالة.
(مسألة 9): البیع المعاطاتی لیس قابلاً للشرط علی الأحوط،فلو ارید
[[page 538]]ثبوت خیار بالشرط أو سقوطه به أو شرط آخر؛حتّی جعل مدّة وأجل لأحد العوضین،یتوسّل بإجراء البیع بالصیغة وإدراجه فیه،و إن کان قبوله لذلک بالمقاولة قُبیله و التعاطی مبنیّاً علیها،لا یخلو من وجه وقوّة.
(مسألة 10): هل تجری المعاطاة فی سائر المعاملات مطلقاً،أو لا کذلک،أو فی بعضها دون بعض؟سیظهر الأمر فی الأبواب الآتیة إن شاء اللّٰه تعالی.
(مسألة 11): کما یقع البیع و الشراء بمباشرة المالک،یقع بالتوکیل أو الولایة من طرف واحد أو الطرفین،ویجوز لشخص واحد تولّی طرفی العقد؛أصالة من طرف ووکالة أو ولایة من آخر،أو وکالة من الطرفین،أو ولایة منهما،أو وکالة من طرف وولایة من آخر.
(مسألة 12): لا یجوز علی الأحوط تعلیق البیع علی شیء غیر حاصل حین العقد؛سواء علم حصوله فیما بعد أم لا،ولا علی شیء مجهول الحصول حینه.
و أمّا تعلیقه علی معلوم الحصول حینه-کأن یقول:بعتُک إن کان الیومُ یومَ السبت؛مع العلم به-فالأقوی جوازه.
(مسألة 13): لو قبض المشتری ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم یملکه،وکان مضموناً علیه؛بمعنی أنّه یجب علیه أن یردّه إلی مالکه،ولو تلف-ولو بآفة سماویة-یجب علیه ردّ عوضه من المثل أو القیمة.نعم،لو کان کلٌّ من البائع والمشتری راضیاً بتصرّف الآخر مطلقاً فیما قبضه-ولو علی تقدیر الفساد- یُباح لکلّ منهما التصرّف والانتفاع بما قبضه ولو بإتلافه،ولا ضمان علیه.
[[page 539]]