القول:فی بقیّة أحکام الزکاة
(مسألة 1): لا یجب بسط الزکاة علی الأصناف الثمانیة؛و إن استحبّ مع سعتها ووجود الأصناف،فیجوز التخصیص ببعضها،وکذا لا یجب فی کلّ صنف البسط علی أفراده،فیجوز التخصیص ببعض.
(مسألة 2): تجب النیّة فی الزکاة،ولا تجب فیها أزید من القربة و التعیین، دون الوجوب و الندب و إن کان أحوط،فلو کان علیه زکاة وکفّارة-مثلاً-وجب تعیین أحدهما حین الدفع،بل الأقوی ذلک بالنسبة إلی زکاة المال و الفطرة.نعم، لا یُعتبر تعیین الجنس الذی تخرج منه الزکاة؛أنّه من الأنعام أو النقدین أو
[[page 359]]الغلّات،فیکفی مجرّد کونه زکاة،لکن ذلک إذا کان المدفوع من غیر الجنس الزکوی قیمة فیوزّع علیها بالنسبة،و أمّا إذا کان من أحدها فینصرف إلیه إلّامع قصد کونه بدلاً أو قیمة.نعم،لو کان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل، فأخرج شاة من غیر تعیین،یوزّع بینهما إلّامع التردید فی کونه إمّا من الإبل و إمّا من الغنم،فإنّ الظاهر عدم الصحّة.ویتولّی النیّة الحاکم عن الممتنع.ولو وکّل أحداً فی أداء زکاته،یتولّی الوکیل النیّة إذا کان المال الذی یزکّیه عند الوکیل وکان مُخرجاً لزکاته،و أمّا إذا أخرج مقدار الزکاة ودفع إلی شخص لیوصله إلی محلّه،یجب علیه أن ینوی کون ما أوصله الوکیل إلی الفقیر زکاة،ویکفی بقاؤها فی خزانة نفسه و إن لم یحضرها وقت الأداء تفصیلاً.ولو دفع المال إلی الفقیر بلا نیّة،فله تجدیدها ولو بعد زمان طویل مع بقاء العین،و أمّا لو کانت تالفة،فإن کانت مضمونة علی وجه لم یکن معصیة اللّٰه،واشتغلت ذمّة الآخذ بها له أن یحسبها زکاة کسائر الدیون،و أمّا مع الضمان علی وجه المعصیة لا یجوز احتسابها زکاة،کما أنّه مع تلفها بلا ضمان لا محلّ لما ینویها زکاة.
(مسألة 3): لو کان له مال غائب ودفع إلی الفقیر مقدار زکاته،ونوی أ نّه إن کان باقیاً فهذا زکاته،وإلّا فصدقة مستحبّة،أو من المظالم-مثلاً- صحّ وأجزأ.
(مسألة 4): الأحوط-لو لم یکن الأقوی-عدم جواز تأخیر الزکاة-ولو بالعزل مع الإمکان-عن وقت وجوبها الذی یغایر وقت التعلّق کالغلّات،بل فیما یعتبر فیه الحول أیضاً؛لاحتمال أن یکون وقت الوجوب هو وقت الاستقرار بمضیّ السنة،بل الأحوط عدم تأخیر الدفع و الإیصال أیضاً مع وجود المستحقّ، و إن کان الأقوی الجواز،خصوصاً مع انتظار مستحقّ معیّن أو أفضل إلی
[[page 360]]شهرین أو أزید فی خلال السنة،والأحوط عدم التأخیر عن أربعة أشهر،ولو تلفت مع التأخیر بغیر عذر ضمنها.ولا یجوز تقدیمها قبل وقت الوجوب إلّا قرضاً علی المستحقّ،فیحسبها-حینه-علیه زکاة مع بقائه علی صفة الاستحقاق وبقاء الدافع و المال علی شرائط الوجوب،وله أن یستعید منه ویدفع إلی غیره،إلّاأنّ الأحوط الأولی الاحتساب حینئذٍ.
(مسألة 5): الأفضل بل الأحوط دفع الزکاة إلی الفقیه فی عصر الغیبة،سیّما إذا طلبها؛لأنّه أعرف بمواقعها،و إن کان الأقوی عدم وجوبه إلّاإذا حکم بالدفع إلیه لمصلحة الإسلام أو المسلمین،فیجب اتّباعه و إن لم یکن مقلّداً له.
(مسألة 6): یستحبّ ترجیح الأقارب علی غیرهم،وأهل الفضل و الفقه والعقل علی غیرهم،ومن لا یسأل من الفقراء علی غیره.
(مسألة 7): یجوز عزل الزکاة وتعیینها فی مال مخصوص حتّی مع وجود المستحقّ.والتعیین فی غیر الجنس محلّ إشکال و إن لا یخلو من وجه،فتکون أمانة فی یده،لا یضمنها إلّامع التعدّی أو التفریط أو التأخیر مع وجود المستحقّ،ولیس له تبدیلها بعد العزل.
(مسألة 8): لو أتلف الزکاة المعزولة متلف،فإن کان مع عدم ما یوجب الضمان کالتأخیر-مثلاً-یکون الضمان علی المُتلِف فقط،وإلّا فعلی المالک أیضاً و إن کان قراره علی المُتلِف.
(مسألة 9): لو اتّجر بما عزله تکون الخسارة علیه و الربح للفقیر؛إذا کان الاتّجار لمصلحة الزکاة فأجاز ولیّ الأمر،وکذا فی الاتّجار بالنصاب قبل إخراج الزکاة علی الأقرب.و أمّا إذا اتّجر بهما لنفسه وأوقع التجارة بالعین الخارجی،
[[page 361]]فتصحیحهما فی الموردین بالإجازة محلّ إشکال،بل یقع باطلاً فی الجمیع فی الأوّل،وبالنسبة فی الثانی.و إن أوقع التجارة بالذمّة وأدّی من المعزول أو النصاب،یکون ضامناً و الربح له،إلّاإذا أراد الأداء بهما حال إیقاع التجارة، فإنّه حینئذٍ محلّ إشکال.
(مسألة 10): یجوز نقل الزکاة من بلده؛سواء وجد المستحقّ فی البلد أم لا، ولو تلفت یضمن فی الأوّل دون الثانی،کما أنّ مؤونة النقل علیه مطلقاً.
(مسألة 11): لو قبض الفقیه الزکاة بعنوان الولایة علی أخذها،برئت ذمّة المالک و إن تلفت عنده بتفریط أو غیره،أو أعطی غیر المستحقّ اشتباهاً،و إذا قبضها بعنوان الوکالة عن المالک،لم تبرأ ذمّته إلّابعد الدفع إلی المحلّ.
(مسألة 12): اجرة الکیّال و الوزّان و الکیل ونحو ذلک علی المالک.
(مسألة 13): من کان علیه أو فی تَرِکَته الزکاة وأدرکه الموت،یجب علیه الإیصاء بإخراجها من ترکته،وکذا سائر الحقوق الواجبة.ولو کان الورّاث مستحقّین جاز للوصیّ أداؤها إلیهم من مال المیّت،وکذا جاز أخذها لنفسه؛مع الاستحقاق وعدم انصرافٍ فی الوصیّة إلی أدائها إلی الغیر.ویُستحبّ دفع شیء منها إلی غیر الوارث إذا أراد دفعها إلیه.
(مسألة 14): یکره لربّ المال أن یطلب من الفقیر تملّک ما دفعه إلیه صدقة ولو مندوبة؛سواء کان التملّک مجّاناً أو بالعوض،ولو أراد الفقیر بیعه بعد تقویمه عند من أراد،کان المالک أحقّ به،لکن زوال الکراهة غیر معلوم.نعم،لو کانت الصدقة جزء حیوان لا یتمکّن الفقیر من الانتفاع به،ولا یشتریه غیر المالک،أو یحصل للمالک ضرر بشراء غیره،جاز شراؤه من دون کراهة.
[[page 362]] (مسألة 15): لو دفع شخص زکاته إلی شخص لیصرفها فی الفقراء،أو خمسه إلیه لیصرفه فی السادة،ولم یعیّن شخصاً،وکان المدفوع إلیه مصرفاً،ولم ینصرف اللفظ عنه،جاز له أن یأخذ مثل أحدهم من غیر زیادة،وکذا له أن یصرفه فی عیاله،خصوصاً إذا قال:هذا للفقراء أو للسادة،أو هذا مصرفه الفقراء والسادة؛و إن کان الأحوط عدم الأخذ إلّابإذن صریح،وکذا الحال لو دفع إلیه مالَ آخر لیصرفه فی طائفة،وکان المدفوع إلیه بصفتهم.
[[page 363]]