القول:فی شرائط إمام الجماعة
ویشترط فیه امور:
الإیمان وطهارة المولد و العقل و البلوغ إذا کان المأموم بالغاً،بل إمامة غیر البالغ ولو لمثله محلّ إشکال،بل عدم جوازه لا یخلو من قرب،والذکورة إذا کان المأموم ذکراً،بل مطلقاً علی الأحوط،والعدالة-فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق ولا مجهول الحال-و هی حالة نفسانیة باعثة علی ملازمة التقوی مانعة عن ارتکاب الکبائر،بل و الصغائر علی الأقوی،فضلاً عن الإصرار علیها الذی عُدّ من الکبائر،وعن ارتکاب أعمال دالّة عرفاً علی عدم مبالاة فاعلها بالدین.والأحوط اعتبار الاجتناب عن منافیات المُروّة و إن کان الأقوی عدم اعتباره.
و أمّا الکبائر فهی کلّ معصیة ورد التوعید علیها بالنار أو بالعقاب أو شدّد علیها تشدیداً عظیماً،أو دلّ دلیل علی کونها أکبر من بعض الکبائر أو مثله،أو حکم العقل بأ نّها کبیرة،أو کان فی ارتکاز المتشرّعة کذلک،أو ورد النصّ بکونها کبیرة.
و هی کثیرة:منها الیأس من رَوح اللّٰه،والأمن من مکره،والکذب علیه أو علی رسوله وأوصیائه علیهم السلام،وقتل النفس التی حرّمها اللّٰه إلّابالحقّ،وعقوق الوالدین،وأکل مال الیتیم ظلماً،وقذف المحصنة،والفرار من الزحف،وقطیعة الرحم،والسحر،والزنا،واللواط،والسرقة،والیمین الغموس،وکتمان الشهادة،وشهادة الزور،ونقض العهد،والحیف فی الوصیّة،وشرب الخمر، وأکل الربا،وأکل السحت،والقمار،وأکل المیتة و الدم ولحم الخنزیر وما اهلّ
[[page 288]]لغیر اللّٰه من غیر ضرورة،والبخس فی المکیال و المیزان،والتعرُّب بعد الهجرة، ومعونة الظالمین،والرکون إلیهم،وحبس الحقوق من غیر عذر،والکذب، والکبر،والإسراف،والتبذیر،والخیانة،والغیبة،والنمیمة،والاشتغال بالملاهی،والاستخفاف بالحجّ،وترک الصلاة،ومنع الزکاة،والإصرار علی الصغائر من الذنوب.و أمّا الإشراک باللّٰه تعالی وإنکار ما أنزله ومحاربة أولیائه فهی من أکبر الکبائر،لکن فی عدّها من التی یعتبر اجتنابها فی العدالة مسامحة.
(مسألة 1): الإصرار الموجب لدخول الصغیرة فی الکبائر:هو المداومة والملازمة علی المعصیة من دون تخلّل التوبة.ولا یبعد أن یکون من الإصرار العزم علی العود إلی المعصیة بعد ارتکابها و إن لم یَعُد إلیها،خصوصاً إذا کان عزمه علی العود حال ارتکاب المعصیة الاُولی.نعم،الظاهر عدم تحقّقه بمجرّد عدم التوبة بعد المعصیة من دون العزم علی العود إلیها.
(مسألة 2): الأقوی جواز تصدّی الإمامة لمن یعرف من نفسه عدم العدالة؛ مع اعتقاد المأمومین عدالته؛و إن کان الأحوط الترک.و هی جماعة صحیحة یترتّب علیها أحکامها.
(مسألة 3): تثبت العدالة بالبیّنة و الشیاع الموجب للاطمئنان،بل یکفی الوثوق والاطمئنان من أیّ وجه حصل؛ولو من جهة اقتداء جماعة من أهل البصیرة و الصلاح.کما أنّه یکفی حسن الظاهر الکاشف ظنّاً عن العدالة،بل الأقوی کفایة حسن الظاهر ولو لم یحصل منه الظنّ و إن کان الأحوط اعتباره.
(مسألة 4): لا یجوز إمامة القاعد للقائم،ولا المضطجع للقاعد،ولا من
[[page 289]]لا یحسن القراءة-بعدم تأدیة الحروف من مخرجه،أو إبداله بغیره؛حتّی اللحن فی الإعراب و إن کان لعدم استطاعته-لمن یحسنها.وکذا الأخرس للناطق و إن کان ممّن لا یحسنها.وفی جواز إمامة من لا یحسن القراءة فی غیر المحلّ الذی یتحمّلها الإمام عن المأموم،کالرکعتین الأخیرتین،لمن یحسنها إشکال، فلا یترک الاحتیاط.
(مسألة 5): جواز الاقتداء بذوی الأعذار مشکل،لا یترک الاحتیاط بترکه؛ و إن کان إمامته لمثله أو لمن هو متأخّر عنه رتبة-کالقاعد للمضطجع-لا یخلو من وجه.نعم،لا بأس بإمامة القاعد لمثله و المتیمّم وذی الجبیرة لغیرهما.
(مسألة 6): لو اختلف الإمام مع المأموم فی المسائل المتعلّقة بالصلاة اجتهاداً أو تقلیداً صحّ الاقتداء به و إن لم یتّحدا فی العمل فیما إذا رأی المأموم صحّة صلاته مع خطئه فی الاجتهاد أو خطأ مجتهده،کما إذا اعتقد المأموم وجوب التسبیحات الأربعة ثلاثاً،ورأی الإمام أنّ الواجب واحدة منها وعمل به.ولا یصحّ الاقتداء مع اعتقاده اجتهاداً أو تقلیداً بطلان صلاته.کما یشکل ذلک فیما إذا اختلفا فی القراءة ولو رأی المأموم صحّة صلاته-کما لو لم یَرَ الإمام وجوب السورة وترکها،ورأی المأموم وجوبها-فلا یترک الاحتیاط بترک الاقتداء.نعم،إذا لم یعلم اختلافهما فی الرأی یجوز الائتمام،ولا یجب الفحص و السؤال.و أمّا مع العلم باختلافهما فی الرأی و الشکّ فی تخالفهما فی العمل،فالأقوی عدم جواز الاقتداء فیما یرجع إلی المسائل التی لا یجوز معها الاقتداء مع وضوح الحال،ویشکل فیما یرجع إلی المسائل المحکومة بالإشکال.
[[page 290]] (مسألة 7): لو دخل الإمام فی الصلاة معتقداً دخول الوقت،واعتقد المأموم عدمه أو شکّ فیه،لا یجوز له الائتمام فی تلک الصلاة.نعم،لو علم بالدخول فی أثناء صلاة الإمام،جاز له الائتمام عند دخوله إذا دخل الإمام علی وجه یحکم بصحّة صلاته.
(مسألة 8): لو تشاحّ الأئمّة فالأحوط الأولی ترک الاقتداء بهم جمیعاً.نعم، إذا تشاحّوا فی تقدیم الغیر وکلٌّ یقول تقدّم یا فلان،یرجّح من قدّمه المأمومون، ومع الاختلاف أو عدم تقدیمهم یقدّم الفقیه الجامع للشرائط،و إن لم یکن أو تعدّد یقدّم الأجود قراءة،ثمّ الأفقه فی أحکام الصلاة،ثمّ الأسنّ،والإمام الراتب فی المسجد أولی بالإمامة من غیره و إن کان أفضل،لکن الأولی له تقدیم الأفضل،وصاحب المنزل أولی من غیره المأذون فی الصلاة،والأولی له تقدیم الأفضل،والهاشمی أولی من غیره المساوی له فی الصفات.والترجیحات المذکورة إنّما هی من باب الأفضلیة والاستحباب،لا علی وجه اللزوم والإیجاب حتّی فی أولویة الإمام الراتب،فلا یحرم مزاحمة الغیر له و إن کان مفضولاً من جمیع الجهات،لکن مزاحمته قبیحة،بل مخالفة للمروّة و إن کان المزاحم أفضل منه من جمیع الجهات.
(مسألة 9): الأحوط للأجذم و الأبرص و المحدود بعد توبته ترک الإمامة وترک الاقتداء بهم.ویُکره إمامة الأغلف المعذور فی ترک الختان،ومن یَکره المأمومون إمامته،والمتیمّم للمتطهّر،بل الأولی عدم إمامة کلّ ناقص للکامل.
(مسألة 10): لو علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة کونه مُحدثاً أو
[[page 291]]تارکاً لرکن ونحوه،لا یجوز له الاقتداء به؛و إن اعتقد الإمام صحّتها جهلاً أو سهواً.
(مسألة 11): لو رأی المأموم فی ثوب الإمام نجاسة غیر معفوّ عنها،فإن علم أنّه قد نسیها لا یجوز الاقتداء به،و إن علم أنّه جاهل بها یجوز الاقتداء به،و إن لم یدرِ أنّه جاهل أو ناسٍ ففی جوازه تأمّل وإشکال، فلا یُترک الاحتیاط.
(مسألة 12): لو تبیّن بعد الصلاة کون الإمام فاسقاً أو مُحدثاً،صحّ ما صلّی معه جماعة،ویُغتفر فیه ما یُغتفر فی الجماعة.
[[page 292]]