فصل:فی أحکام القضاء
یجب قضاء الصوم ممّن فاته بشروط،و هی:البلوغ،والعقل،والإسلام، فلا یجب علی البالغ ما فاته أیّام صباه،نعم یجب قضاء الیوم الذی بلغ فیه قبل طلوع فجره أو بلغ مقارناً لطلوعه إذا فاته صومه،و أمّا لو بلغ بعد الطلوع فی أثناء النهار فلا یجب قضاؤه و إن کان أحوط،ولو شکّ فی کون البلوغ قبل
[[page 57]]الفجر أو بعده فمع الجهل بتأریخهما لم یجب القضاء،وکذا مع الجهل بتأریخ البلوغ،و أمّا مع الجهل بتأریخ الطلوع؛بأن علم أنّه بلغ قبل ساعة مثلاً، ولم یعلم أنّه کان قد طلع الفجر أم لا فالأحوط القضاء،ولکن فی وجوبه إشکال ،وکذا لا یجب علی المجنون ما فات منه أیّام جنونه؛من غیر فرق بین ما کان من اللّٰه،أو من فعله علی وجه الحرمة،أو علی وجه الجواز، وکذا لا یجب علی المغمی علیه؛سواء نوی الصوم قبل الإغماء أم لا،وکذا لا یجب علی من أسلم عن کفر،إلّاإذا أسلم قبل الفجر ولم یصم ذلک الیوم، فإنّه یجب علیه قضاؤه؛ولو أسلم فی أثناء النهار لم یجب علیه صومه و إن لم یأت بالمفطر،ولا علیه قضاؤه؛من غیر فرق بین ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده؛و إن کان الأحوط القضاء إذا کان قبل الزوال.
(مسألة 1): یجب علی المرتدّ قضاء ما فاته أیّام ردّته؛سواء کان عن ملّة أو فطرة.
(مسألة 2): یجب القضاء علی من فاته لسکر؛من غیر فرق بین ما کان للتداوی أو علی وجه الحرام.
(مسألة 3): یجب علی الحائض و النفساء قضاء ما فاتهما حال الحیض و النفاس،و أمّا المستحاضة فیجب علیها الأداء و إذا فات منها فالقضاء.
[[page 58]] (مسألة 4): المخالف إذا استبصر یجب علیه قضاء ما فاته،و أمّا ما أتی به علی وفق مذهبه فلا قضاء علیه.
(مسألة 5): یجب القضاء علی من فاته الصوم للنوم؛بأن کان نائماً قبل الفجر إلی الغروب من غیر سبق نیّة،وکذا من فاته للغفلة کذلک.
(مسألة 6): إذا علم أنّه فاته أیّام من شهر رمضان ودار بین الأقلّ و الأکثر، یجوز له الاکتفاء بالأقلّ،ولکن الأحوط قضاء الأکثر،خصوصاً إذا کان الفوت لمانع؛من مرض أو سفر أو نحو ذلک،وکان شکّه فی زمان زواله؛کأن یشکّ فی أ نّه حضر من سفره بعد أربعة أیّام أو بعد خمسة أیّام-مثلاً-من شهر رمضان.
(مسألة 7): لا یجب الفور فی القضاء ولا التتابع،نعم یستحبّ التتابع فیه و إن کان أکثر من ستّة،لا التفریق فیه مطلقاً أو فی الزائد علی الستّة.
(مسألة 8): لا یجب تعیین الأیّام،فلو کان علیه أیّام فصام بعددها کفی؛و إن لم یعیّن الأوّل و الثانی وهکذا،بل لا یجب الترتیب أیضاً،فلو نوی الوسط أو الأخیر تعیّن ویترتّب علیه أثره.
(مسألة 9): لو کان علیه قضاء من رمضانین فصاعداً یجوز قضاء اللاحق قبل السابق،بل إذا تضیّق اللاحق بأن صار قریباً من رمضان آخر کان الأحوط تقدیم اللاحق،ولو أطلق فی نیّته انصرف إلی السابق وکذا فی الأیّام.
[[page 59]] (مسألة 10): لا ترتیب بین صوم القضاء وغیره من أقسام الصوم الواجب کالکفّارة و النذر ونحوهما،نعم لا یجوز التطوّع بشیء لمن علیه صوم واجب کما مرّ.
(مسألة 11): إذا اعتقد أنّ علیه قضاء فنواه،ثمّ تبیّن بعد الفراغ فراغ ذمّته لم یقع لغیره،و أمّا لو ظهر له فی الأثناء،فإن کان بعد الزوال لا یجوز العدول إلی غیره،و إن کان قبله فالأقوی جواز تجدید النیّة لغیره و إن کان الأحوط عدمه.
(مسألة 12): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حیض أو نفاس ومات فیه لم یجب القضاء عنه،ولکن یستحبّ النیابة عنه فی أدائه،والأولی أن یکون بقصد إهداء الثواب.
(مسألة 13): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمرّ إلی رمضان آخر، فإن کان العذر هو المرض سقط قضاؤه علی الأصحّ،وکفّر عن کلّ یوم بمدّ، والأحوط مدّان،ولا یجزی القضاء عن التکفیر،نعم الأحوط الجمع بینهما،و إن کان العذر غیر المرض-کالسفر ونحوه-فالأقوی وجوب القضاء،و إن کان الأحوط الجمع بینه وبین المدّ،وکذا إن کان سبب الفوت هو المرض وکان العذر فی التأخیر غیره مستمرّاً من حین برئه إلی رمضان آخر أو العکس،فإنّه یجب القضاء أیضاً فی هاتین الصورتین علی الأقوی،والأحوط الجمع خصوصاً فی الثانیة.
(مسألة 14): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر،بل کان متعمّداً فی الترک،ولم یأت بالقضاء إلی رمضان آخر،وجب علیه الجمع بین
[[page 60]]الکفّارة والقضاء بعد الشهر،وکذا إن فاته لعذر ولم یستمرّ ذلک العذر،بل ارتفع فی أثناء السنة،ولم یأت به إلی رمضان آخر متعمّداً وعازماً علی الترک أو متسامحاً،واتّفق العذر عند الضیق،فإنّه یجب حینئذٍ الجمع،و أمّا إن کان عازماً علی القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق العذر عند الضیق،فلا یبعد کفایة القضاء، لکن لا یترک الاحتیاط بالجمع أیضاً،ولا فرق فیما ذکر بین کون العذر هو المرض أو غیره،فتحصّل ممّا ذکر فی هذه المسألة وسابقتها:أنّ تأخیر القضاء إلی رمضان آخر إمّا یوجب الکفّارة فقط و هی الصورة الاُولی المذکورة فی المسألة السابقة،و إمّا یوجب القضاء فقط و هی بقیّة الصور المذکورة فیها،و إمّا یوجب الجمع بینهما و هی الصور المذکورة فی هذه المسألة،نعم الأحوط الجمع فی الصور المذکورة فی السابقة أیضاً کما عرفت.
(مسألة 15): إذا استمرّ المرض إلی ثلاث سنین-یعنی الرمضان الثالث- وجبت کفّارة للاُولی وکفّارة اخری للثانیة ویجب علیه القضاء للثالثة إذا استمرّ إلی آخرها ثمّ برئ،و إذا استمرّ إلی أربع سنین وجبت للثالثة أیضاً،ویقضی للرابعة إذا استمرّ إلی آخرها-أیالرمضان الرابع-و أمّا إذا أخّر قضاء السنة الاُولی إلی سنین عدیدة،فلا تتکرّر الکفّارة بتکرّرها،بل تکفیه کفّارة واحدة.
(مسألة 16): یجوز إعطاء کفّارة أیّام عدیدة من رمضان واحد أو أزید لفقیر واحد،فلا یجب إعطاء کلّ فقیر مدّاً واحداً لیوم واحد.
(مسألة 17): لا تجب کفّارة العبد علی سیّده؛من غیر فرق بین کفّارة التأخیر
[[page 61]]وکفّارة الإفطار،ففی الاُولی إن کان له مال وأذن له السیّد أعطی من ماله،وإلّا استغفر بدلاً عنها،وفی کفّارة الإفطار یجب علیه اختیار صوم شهرین مع عدم المال و الإذن من السیّد،و إن عجز فصوم ثمانیة عشر یوماً،و إن عجز فالاستغفار.
(مسألة 18): الأحوط عدم تأخیر القضاء إلی رمضان آخر مع التمکّن عمداً؛ و إن کان لا دلیل علی حرمته
(مسألة 19): یجب علی ولیّ المیّت قضاء ما فاته من الصوم لعذر ؛من مرض أو سفر أو نحوهما،لا ما ترکه عمداً،أو أتی به وکان باطلاً من جهة التقصیر فی أخذ المسائل؛و إن کان الأحوط قضاء جمیع ما علیه و إن کان من جهة الترک عمداً،نعم یشترط فی وجوب قضاء ما فات بالمرض أن یکون قد تمکّن فی حال حیاته من القضاء وأهمل،وإلّا فلا یجب لسقوط القضاء حینئذٍ کما عرفت سابقاً،ولا فرق فی المیّت بین الأب والاُمّ علی الأقوی، وکذا لا فرق بین ما إذا ترک المیّت ما یمکن التصدّق به عنه وعدمه؛و إن کان الأحوط فی الأوّل الصدقة عنه برضا الوارث مع القضاء،والمراد بالولیّ هو الولد الأکبر و إن کان طفلاً أو مجنوناً حین الموت،بل و إن کان حملاً.
(مسألة 20): لو لم یکن للمیّت ولد لم یجب القضاء علی أحد من الورثة؛
[[page 62]]و إن کان الأحوط قضاء أکبر الذکور من الأقارب عنه.
(مسألة 21): لو تعدّد الولیّ اشترکا،و إن تحمّل أحدهما کفی عن الآخر،کما أ نّه لو تبرّع أجنبیّ سقط عن الولیّ.
(مسألة 22): یجوز للولیّ أن یستأجر من یصوم عن المیّت،وأن یأتی به مباشرة،و إذا استأجر ولم یأت به المؤجر أو أتی به باطلاً لم یسقط عن الولیّ.
(مسألة 23): إذا شکّ الولیّ فی اشتغال ذمّة المیّت وعدمه لم یجب علیه شیء،ولو علم به إجمالاً وتردّد بین الأقلّ و الأکثر جاز له الاقتصار علی الأقلّ.
(مسألة 24): إذا أوصی المیّت باستئجار ما علیه من الصوم أو الصلاة سقط عن الولیّ؛بشرط أداء الأجیر صحیحاً،وإلّا وجب علیه.
(مسألة 25): إنّما یجب علی الولیّ قضاء ما علم اشتغال ذمّة المیّت به،أو شهدت به البیّنة،أو أقرّ به عند موته،و أمّا لو علم أنّه کان علیه القضاء وشکّ فی إتیانه حال حیاته أو بقاء شغل ذمّته،فالظاهر عدم الوجوب علیه باستصحاب بقائه،نعم لو شکّ هو فی حال حیاته وأجری الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم یأت به حتّی مات،فالظاهر وجوبه علی الولیّ
(مسألة 26): فی اختصاص ما وجب علی الولیّ بقضاء شهر رمضان،
[[page 63]]أو عمومه لکلّ صوم واجب قولان؛مقتضی إطلاق بعض الأخبار الثانی و هو الأحوط
(مسألة 27): لا یجوز لصائم قضاء شهر رمضان إذا کان عن نفسه الإفطار بعد الزوال،بل تجب علیه الکفّارة به،و هی کما مرّ:إطعام عشرة مساکین لکلّ مسکین مدّ،ومع العجز عنه صیام ثلاثة أیّام،و أمّا إذا کان عن غیره-بإجارة أو تبرّع-فالأقوی جوازه و إن کان الأحوط الترک،کما أنّ الأقوی الجواز فی سائر أقسام الصوم الواجب الموسّع و إن کان الأحوط الترک فیها أیضاً،و أمّا الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتّی فی قضاء شهر رمضان عن نفسه،إلّامع التعیّن بالنذر أو الإجارة أو نحوهما،أو التضیّق بمجیء رمضان آخر؛إن قلنا بعدم جواز التأخیر إلیه،کما هو المشهور .
[[page 64]]