الجهة السادسة هل الجنس المردود بعنوان الأرش نفس الأرش أم بدله ؟
اختلفوا فی أنّ الـبائع إذا لـم یتمکّن من جبران الـخسارة بالـنقود الـمتعارفـة، فهل یکون الـجنس الـذی یتدارک بـه عوضاً عن الأرش، أو هو نفس الأرش؟
فإن کان عوضاً عن الأرش، فربّما یجری الـربا؛ لاختلافهما فی الـمقدار. مثلاً إذا بانت أنّ الـحنطـة معیبـة، وتثبت حقّـة من الـحنطـة علیـه، ولیس عنده إلاّ الـشعیر، فلا یردّ إلاّ حقّـة من الـشعیر؛ لأنّ ردّ الـحقّتین منـه یوجب الـربا، لأنّهما من جنس واحد فی بابـه. وأمّا لـو کان هو نفس الأرش، فلا یلزم الإشکال الـمذکور.
وعندی احتمال آخر: وهو سقوط الأرش وتعیّن الـخیار فی موارد کون الأرش متعیّناً فی شیء خاصّ؛ نقداً کان أو جنساً. وهو مضافاً إلـیٰ کونـه مقتضی الـقاعدة، أنّـه لا إطلاق فی دلیل الأرش حتّیٰ یشمل ذلک الـذی یُعدّ أرشاً طولاً لا عَرْضاً، وإلاّ فلو کان أرشاً عَرْضاً فلا بحث رأساً، کما هو الـظاهر.
ولو لـم یکن لـه الـخیار؛ لأجل الـجهات الاُخر، ینتظر؛ لـما لاحقّ لـه إلاّ الـمراجعـة إلـیـه لأخذ الأرش، والـنقصان علیٰ خلاف الـقواعد،
[[page 303]]والـقدر الـمتیقّن منـه صورة کونـه متمکّناً من جبرانـه بما هو الأرش والـمتعیّن علیـه بدواً، لا فی الـمرحلـة المـتأخّرة.
هذا مع أنّـه لامعنیٰ للبحث الـمذکور؛ ضرورة أنّـه لـو کان یجوز للمشتری الـمراجعـة إلـیـه بعد الـعجز عن الأرش شرعاً أو عرفاً، فهو الأرش الـطولی، لا عوض عن الأرش الأوّل، ولا أرش مطلق، بل هو أرش فی طول الأرش الـمتعیّن أوّلاً؛ وذلک لأنّ ما یجب علی الـبائع لـیس إلاّ الـجبران، ولا اشتغال فی الـبین، وما یجوز للمشتری هو الـرجوع إلـیٰ الـبائع بمطالـبـة الـنقد، وأنّـه إذا لـم تجز مطالـبـة الـنقد - لـجهـة من الـجهات - یجوز لـه مطالـبـة غیر الـنقد، وهکذا.
ثمّ إنّـه لـنا أن نمنع حرمـة الـربا الـمذکور هنا؛ لأنّـه معاوضـة قهریّـة، لا إنشائیّـة، ولا دلیل علیٰ حرمتـه فی تلک الـصورة. مع أنّـه لـیس من الـمعاوضـة بین الأعیان؛ لـما لا اشتغال بالـذمّـة کما عرفت، بل هو تعویض تسامحیّ، ومعاوضـة فی حقّ الـرجوع، وأنّیٰ ذلک من الـربا؟!
وغیر خفیّ: أنّ فی کلمات الـقوم مواضع کثیرة من الـضعف، یظهر کلّها من الـتدبّر فیما أجملناه وفصّلناه، فلاحظ وتدبّر جیّداً.
[[page 304]]