المقصد الثالث فی الشروط

المرحلة الرابعة‏: حول ثبوت الخیار بناءً علی صحّة العقد

کد : 160496 | تاریخ : 17/07/1395

المرحلة الرابعة : حول ثبوت الخیار بناءً علی صحّة العقد

‏ ‏

‏اختلفوا فی مورد بطلان الـشرط فقط دون الـعقد ، أنّـه هل یثبت‏‎ ‎‏الـخیار وهو خیار تخلّف الـشرط ، أم لا یثبت ؟‏

‏أو هناک تفصیل بین صورتی الـعلم والـجهل ، کما ربّما یستظهر من‏‎ ‎‏الـشیخ  ‏‏قدس سره‏‎[1]‎‏ ؟‏

‏أم یفصّل بین شروط الـنتیجـة الـفاسدة والأفعال إذا لـم یأت بها ، وبین‏‎ ‎‏غیرها ، کما هو صریح الـسیّد الـیزدیِّ ‏‏قدس سره‏‏ ‏‎[2]‎‏؟‏

وربّما یقال :‏ إنّ منشأ الاختلاف اختلافهم فی سند الـخیار ؛ فإن قلنا :‏‎ ‎‏إنّـه علی الـقاعدة فهو ثابت علیٰ الإطلاق ، وإن قلنا : إنّ الـمستند هو‏‎ ‎‏الإجماع أو قاعدة ‏« لاضرر ... »‏ ففی ثبوتـه إشکال ، بل منع‏‎[3]‎‏ .‏

‏ومقتضی الـشکّ عدمـه ، ولابأس باستصحاب الـعدم الـنعتیِّ؛ لأنّ‏‎ ‎


‎[[page 243]]‎‏الـمفروض تعذّر الـشرط شرعاً ، لاتکویناً .‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ الـمتعذّر شرعاً کالـمتعذّر تکویناً ، فکما أنّـه‏‎ ‎‏یثبت الـخیار فی الـصورة الـثانیـة ، یثبت فی الـصورة الاُولیٰ .‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ تارة یعتبر الـشرط الـفاسد بمنزلـة الـمتعذّر‏‎ ‎‏الـتکوینیِّ؛ من غیر الـنظر إلـی عنوان الـتخلّف وعدمـه ، فانّـه یثبت الـخیار‏‎ ‎‏بثبوتـه فی الـتعذّر الـتکوینی ؛ علیٰ إشکال فی إطلاقـه .‏

‏واُخریٰ : یعتبر الـشرط الـفاسد بمنزلـة الـعدم ، فلا تبعـة لـه ،‏‎ ‎‏کالـخیار والأرش ، وغیرهما. وإذا شکّ فی ذلک ، فلازمـه الـشکّ فی حدوث‏‎ ‎‏الـخیار بحدوث الـعقد ، فلا أصل إلاّ الـعدم الأزلیّ الـذی قد مرّ بعض‏‎ ‎‏الـکلام حولـه ، وهو علیٰ کلّ لاینفع لـنفی الـخیار .‏

والـذی یقتضیـه الـتحقیق الـحقیق بالـتصدیق :

‏أنّ مقتضی الـبناءات الـعرفیّـة ‏‏ثبوت الـخیار ؛ لـعدم دخالـة فساد‏‎ ‎‏الـشرط شرعاً أو عرفاً فی الـخیار الـذی هو من أحکام عدم الـوفاء‏‎ ‎‏بالـشرط ؛ سواء کان ذلک من باب عدم تمکنّـه ، أو عدم وفائـه وسوء‏‎ ‎‏اختیاره ، أو عدم وجوب الـوفاء بـه ، أو عدم جوازه . وهذا فی شرط الـفعل‏‎ ‎‏والـنتیجـة واضح .‏

‏وفی شرط الـصفـة أوضح ؛ لـما لا معنیٰ لـلوفاء بـه إلاّ تأثیر فسخ‏‎ ‎‏الـمشروط لـه .‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ لا معنیٰ لـکون الـمؤمن ملازماً لـشرطـه ؛ إلاّ بقبول‏‎ ‎‏الـعین الـفاقدة بعد فسخـه ، کما مرِّ.‏

وبالجملة :‏ الـتخلّف عن الـشرط سبب الـخیار ، والـمراد منـه الأعمّ‏‎ ‎


‎[[page 244]]‎‏من الـتخلّف حتّیٰ فی مثل شرط الـوصف الذی لا یتصوّر فیـه التخلّف بمعناه‏‎ ‎‏الـبدویِّ، ککون الـبطّیخ حلواً .‏

وأمّا قضیّـة الأخبار الـخاصّـة‏ ، فإن قلنا : بأنّ الـشرع اعتبر الـشرط‏‎ ‎‏الـفاسد معدوماً ، ولا شیئاً ، وکان الـنظر فی ذلک علیٰ وجـه الإطلاق الـمنتهی‏‎ ‎‏إلـیٰ سلب الـخیار ، کما فی مثل شرط الـوصف الـذی لا معنیٰ لـه إلاّ‏‎ ‎‏الـخیار ، فیمکن .‏

‏ولکنّ الأخبار غیر ظاهرة فی ذلک ؛ حتّیٰ ما فی بعض الأخبار الـذی‏‎ ‎‏یعبّر عنـه بأنّـه ‏« لیس بشیء »‎[4]‎‏ لأنّ الـمستفاد منـه أنّـه لـیس یعتمد علیـه ،‏‎ ‎‏ولا یلزم أن یکون الـمؤمن عنده .‏

‏وأمّا بالـنسبـة إلـیٰ شرط الـوصف ، فالأمر أیضاً کذلک ؛ لـعدم‏‎ ‎‏اختصاص الـخبر بـه ، بل هو حکم کلّی ، ویکفی کون بعض الأقسام من‏‎ ‎‏الـشرط ـ کشرط الـفعل ، بل والـنتیجـة ـ مورد الآثار الـمختلفـة الـتی منها‏‎ ‎‏الـخیار عند الـتخلّف .‏

‏فما أفاده الـوالـد الـمحقّق‏‎[5]‎‏ ـ مدّظلّه ـ غیر مطابق لـما ذهب إلـیـه‏‎ ‎‏فی الاُصول ‏‎[6]‎‏.‏

‏وأمّا مقتضی الـنظر الأخیر الـجامع بین الأدلّـة ، فهو أنّ من الـممکن‏‎ ‎‏أن تکون أدلّـة وجوب الـوفاء بالـعقد ، رادعةً لـبناء الـعقلاء علی الـخیار فی‏‎ ‎


‎[[page 245]]‎‏صورة تخلّف الـمشروط علیـه عن الـشرط الـفاسد الـممنوع شرعاً ، ولا‏‎ ‎‏دلیل علیٰ ثبوت الـخیار بمجرّد الـتخلّف ، ولیس عنوان « الـتخلّف » مورد‏‎ ‎‏الـروایـة والـخبر ، أو الإجماع الـتعبّدی الـکاشف ، فإذن لاخیار من باب‏‎ ‎‏قصور الـمقتضی ، وقد غفل عنـه الأصحاب رضی اللّٰه عنهم وقد مرّ حکم‏‎ ‎‏الـشکِّ.‏

ومن هنا یظهر‏ وجـه ضعف مرامهم ، ویظهر أنّـه ولو لـم یتخلّف‏‎ ‎‏الـمشروط علیـه ، فشرب الـخمر ـ نعوذباللّٰه ـ فهو بلا أثر ، ولو کان ممّا فی‏‎ ‎‏کلام الـفقیـه الـیزدیّ وجـه من نفی الـخیار فی هذه الـصورة‏‎[7]‎‏ لـلزم کونـه‏‎ ‎‏ممتثلاً ومثاباً ومعاقباً ؛ لأجل انطباق الـعنوانین علیـه ، ولا أظنّ الـتزام أحد‏‎ ‎‏بـه ، فمنـه یعلم عدم ارتضاء الـشرط بمثلـه ، فإذن لا دلیل علیٰ إمضاء بناء‏‎ ‎‏الـعقلاء علی الـخیار فی مثلـه ، بل الأدلّـة الـملزمـة لـلعقود تردع تلک‏‎ ‎‏الـبناءات بإطلاقها ، فلیتأمل جیّداً .‏

وقضیّـة ما ذکرناه ‏عدم الـفرق بین کون الـشرط الـفاسد معتبراً‏‎ ‎‏کالـعدم؛ فی ظرف لـزوم الـوفاء بـه عرفاً أو من الابتداء وقبل أن یجیء وقت‏‎ ‎‏الـوفاء بـه ، کما لا فرق أیضاً بین کونـه محرّم الـوفاء ، أو غیر واجب الـوفاء ،‏‎ ‎‏کما قد یتصوّر أحیاناً فی بعض الـصور ، فتدبّر .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 246]]‎

  • )) المکاسب، الشیخ الأنصاری: 289 / السطر 18 وما بعده.
  • )) حاشیة المکاسب، السیّد الیزدی 2: 140 / السطر 11 وما بعده.
  • )) منیة الطالب 2: 149 / السطر 14 ـ 20، و 151 السطر 1 وما بعده.
  • )) الکافی 5: 403 / 6، وسائل الشیعة 21: 276، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 20، الحدیث 2.
  • )) البیع، الإمام الخمینی قدس سره 5: 251 ـ 252.
  • )) أنوار الهدایة 2: 48، وتهذیب الاُصول 2: 222.
  • )) حاشیة المکاسب، السیّد الیزدی 2: 140 / السطر 10.

انتهای پیام /*