المرحلة الثانیة : فی مقام الإثبات
وما یدلّ علی المطلوب ، بعد عدم وجود الإجماع.
ولم ینهض بناءٌ من الـعقلاء علیٰ فساد الـعقد الـمتقیّد بالـشرط الـفاسد بما هو هو ، فمقتضیٰ أدلّـة الـوفاء والـلزوم صحّـة الـعقد ، وعدم اشتراطـه بعدم ذکر الـشرط الـفاسد فی ضمنـه .
نعم ، یمکن أن یقال : إنّ قضیّـة الـصناعـة ولو کانت ذلک ، إلاّ أنّ مقتضیٰ بعض الـوجوه بطلانـه علی الإطلاق ، أو فی بعض الـصور : وهو أنّ مقتضی الأدلّـة الـموجبـة لـبطلان الـشرط الـمخالـف لـلکتاب ، هو فساد الـعقد ، والإرشاد إلـیٰ دخالـة عدم الاشتراط بالـشرط الـمذکور فی طیّ الـعقود ؛ وذلک لأنّ الـنواهی فی باب الـمرکّبات الـعبادیّـة والـمعاملیّـة ، ناظرة ـ حسبما تحرّر ـ إلـیٰ توجیـه دخالـة قید فی ذلک الـمرکّب ؛ وجودیّاً کان أو عدمیّاً .
فإذا ورد : « المؤمنون عند شروطهم إلاّ الـشرط الـمخالـف» ، أو ورد أشباه ذلک ، فکلّـه ناظر إلـیٰ أنّ ذکر هذه الـشروط فی طیّ الـعقود تمنع عن الـصحّـة .
وحیث إنّ الـمانعیّـة غیر متصوّرة ، ترجع إلـی اشتراط عدمها فی صحّـة الـعقد ونفوذه. ولو کان نفس الـشرط باطلاً وحراماً ، إلاّ أنّـه باطل لأجل بطلان الـعقد ؛ ضرورة أنّ الـعقد الـباطل من الـناحیـة الـمذکورة ، یوجب بطلان الـشرط الـضمنیّ طبعاً ، فإسناد الـبطلان إلـی الـشرط
[[page 224]]والـفساد إلـیـه ؛ وأنّـه لیس بشیء ، ولا یجب الـوفاء بـه ؛ ولا یکون الـمؤمن عنده ، کلّـه کنایـة عن عدم تحقّق الـعقد الـنافذ ؛ وعدم صحّتـه شرعاً .
فالـشرط الـمجهول والـمتعذّر والـسفهیّ وغیر ذلک ، شرط مخالـف للکتاب ؛ حسبما زعمـه الـقوم ، ویکون تلک الأدلّـة ناظرة إلـیٰ ترکها فی ضمن الـعقد ؛ لأنّ ذکره موجب لـبطلانـه ببطلان الـعقد واقعاً ، وفساده حقیقـة ، کما فی الـعبادات .
ومن هنا یظهر : أنّ الـطریق الـصحیح فی هذه الـمسألـة ما سلکناه ، والـوجـه الـوحید ذلک ، دون ما سلکـه الـقوم ، فإنّـه خروج عمّا هو الـحجر الأساسیّ لـلبحث فی هذه الـمسألـة ، وسیمرّ علیک فی الـمرحلـة الآتیـة بعض الـکلام حولـه إن شاء اللّٰه تعالـیٰ .
ومجرّد تمسّک الـقائلین بالإفساد : بأنّ فساد الـشرط یوجب خللاً فی الـرضا ، لایوجب صحّـة استدلالهم ، وعدم خروجهم عن محطّ الـبحث ومصبّ الـنزاع ، کما فی کلام الـعلاّمـة الـنائینیِّ رحمه الله .
کما أنّ مجرّد ذکر الـشیخ قدس سرهالـوجـه الأوّل والـثانی ، لایستلزم ذلک .
نعم ، الـتمسّک بالأخبار الـخاصّـة فی محلّـه ، وسیأتی الـکلام حولها .
[[page 225]]