تقریب الاستدلال بالآیة الثالثة علی مطهّریة جمیع المیاه
ومنها: قولـه تعالـیٰ: «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیدَاً طَیِّبَاً» فإنّ الـنکرة فی سیاق الـنفی تفید الـعموم، فیعلم مطهّریـة جمیع الـمیاه، إلاّ أنّـه لـیس إلاّ من الـحدث الأکبر، بل والأصغر؛ لـقولـه تعالـیٰ قبلـه «أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغَائِطِ».
وقد یشکل: بأنّ الـنکرة فی سیاق الـنفی لـیست من أداة الـعموم، فنحتاج إلـیٰ مقدّمات الـحکمـة، والآیـة فی مقام ترخیص الـتیمّم فیما لـم یکن الـماء، ولعلّ الـمطهّر لـیس إلاّ الـماء الـخاصّ.
هذا مع أنّـه لا یستفاد منـه مطهّریـة الـماء، وقد مضیٰ لـزوم جعل الـمطهّریـة علیـه؛ لـما سلب هذه الـصفـة منـه فی بعض الـمیاه.
وفیه: أنّـه لـو سلّمنا الـحاجـة إلـیها، لـکن لـنا دعویٰ عدم انفکاک مثل
[[page 30]]هذه الـهیئـة عن کون الـمتکلّم فی مقام یریٰ جمیع الـمیاه مطهِّرة، والـشکّ فی أنّها لا تفید الـمطهّریـة من الـشکّ فی الأمر الـواضح؛ ضرورة أنّ الـمقصود من الـ «مَاء»فی الآیـة، لـیس إلاّ الـتطهّر بـه، کما قال «فَاطَّهَّرُوا» فهذا من لـوازمـه الـقطعیّـة، والـعموم من لـوازمـه الـعرفیّـة.
هذا تمام الـکلام فی الآیات الـثلاث، إلاّ أنّ تمام الـمدّعیٰ - وهو مطهّریـة جمیع الـمیاه لـجمیع الأحداث والأخباث - غیر ثابت بها، وإلـغاء الـخصوصیّـة عن الأحداث لـفهم الـمطهّریـة لـلأخباث، کإلـغائها لـفهم الـمطهّریـة لـماء الـبئر من الآیـة الـسابقـة، کما لا یخفیٰ.
[[page 31]]