الفصل الثانی
عدم جعل النجاسة لا یستلزم جعل الطهارة
لا شبهـة ولا بحث فی أنّ الـمائعات الـمضافـة، طاهرة بذاتها، ولا نحتاج فی هذه الـمسألـة إلـی الـدلیل، فالـضرورة قاضیـة بأنّها لـیست من الأعیان الـنجسـة.
نعم، إذا کانت الـطهارة منقسمـة: إلـی الـطهارة الـعرفیّـة، والـشرعیّـة الـمجعولـة، فکون غیر الأعیان الـنجسـة والـملاقیات معها طاهرة، یحتاج إلـی الـجعل، وإلاّ فهی خارجـة عنهما.
مثلاً: الـمستقذرات الـعرفیّـة إذا لـم یجعلها الـشارع نجسةً، فهی لـیست طاهرة؛ لـعدم کونها طاهرةً عرفاً، ولا جعلها الـشارع طاهرة فی بدو طلوع الإسلام.
وترتیبُ آثار الـطهارة علیٰ شیء، لا یستلزم الـجعل؛ لأنّها الآثار الأعمّ، خصوصاً فیما کان الـقذرَ بطبعـه، کالأبوال الـطاهرة.
کما أنّ ترتیب آثار الـنجس لا یلازمـه؛ لـما ذکر، فإنّ الـنهی عن الأکل والـشرب والـتصرّف، لا یلازم الـنجاسـة بالـضرورة.
[[page 42]]بل تجویز الأکل والـشرب للمیاه الـمضافـة وسائر الأشیاء، ربّما یکون لـعدم کونها نجسـة، لا لأجل کونها طاهرة، فإثبات طهارة جمیع الأشیاء - ومنها الـمیاه الـمضافـة - ممّا لا حاجـة إلـیـه، بل الـمدار فی الأحکام علی الـنجاسـة وعدمها.
نعم، الأشیاء الـطاهرة عرفاً الـقابلـة لـجعل الـنجاسـة علیها، تکون طاهرة شرعاً؛ لإمضاء الـشرع إیّاها، فتکون هی طاهرة شرعاً أیضاً، ولا منع من جمع الـطهارة الـعرفیّـة والـشرعیّـة؛ لأنّ آثار الـطهارة الـشرعیّـة لا تـترتّب علی الـعرفیّـة.
[[page 43]]