تذنیب: وفیه عودة إلیٰ حکم المسألتین: الاُولی والثانیة
قد عرفت: أنّ مصبّ الـبحث حول الـفروض الـتی لاتکون الاُصول
[[page 251]]الـشرعیّـة ولا الـطرق الـعقلائیّـة، مقتضیةً للمنع أو الـجواز، فما تریٰ فی الـمقام من فرض الـحالـة الـسابقـة، وتصویر الـصور، خارج عن محطّ الـکلام.
وبناءً علیٰ ما عرفت منّا فی الـمسألـة الـثالـثـة، یظهر وجـه الـمنع فی الـمسألتین: الاُولیٰ، والـثانیـة أیضاً؛ فإنّ الـطریقـة الـثابتـة من الـعرف والـشرع، قائمـة علیٰ لـزوم إحراز الـسبب الـمحلّل والـمرخّص؛ حتّیٰ فیما إذا شکّ فی أنّـه لـه مالـک أم لا، وکان الـشکّ عقلائیّاً ذا منشأ عقلائیّ، ولایکفی للمنع مجرّد الـشکّ الـفرضیّ والـتخیّلی، فلیتدبّر.
ولعمری، إنّ الـدلیل الـوحید ذلک . ولعلّ الـکتاب والـسنّـة أیضاً لـو کان فیهما مایدلّ علی الـمنع، ناظر إلـیٰ تلک الـطریقـة.
إن قلت: قضیّـة معتبر مَسعدة بن صدقـة، هو الـرجوع إلـی الإباحـة فی الـشبهات الـمهتمّ بها؛ لـما فیها من فرض الـشبهـة فی الـعِرض والـمال، ومع ذلک رخّص الارتکاب عند الـشکّ والـشبهـة، ومجرّد کون الـمفروض مثالاً فیها موردَ الأمارة والأصل الـعقلائیّ والـشرعیّ، لایورث ضرراً فی أنّ الـمستفاد منها جریان أدلّـة الإباحـة والـحلّ فی الـشبهات الـمهتمّ بها، کما لایخفیٰ.
قلت: ـ مع الـغضّ عمّا فی الـسند ـ إنّ إلـغاء الـخصوصیّـة من
[[page 252]]الأمثلـة صحیح إذا اُرید الـتجاوز منها إلـیٰ أمثالـها، وأمّا إذا اُرید الـتجاوز منها إلـیٰ غیر ما علیـه الأمثلـة من الـجهـة الـمشترکـة، فهو ممنوع؛ وذلک لأنّ الـمفروض فیها أنّـه لایُعتنیٰ باحتمال الـحرمـة الـجائی من قبل احتمال بطلان الـعقد؛ لأنّ احتمال رضاعـة الـمعقود علیها أو اُختیّتها وهکذا فی غیره ملغی.
وأمّا استفادة جواز عدم الاعتناء باحتمال بنتیّـة أو اُمّیـة أو اُختیّـة من فی الـبیت؛ لـوجود الـظلمـة، فهو ممنوع جدّاً، ولا أظنّ الـتزام أحد بذلک، وإن کان قضیّـة عموم الـحلّ فی صدرها وذیلها، هی الإباحـة مطلقاً عند الـشبهـة، ولکن الـنظر فیها إلـیٰ ذلک قطعاً.
فإذا اُحرزت زوجیّـة زوجـة بالاُصول الـعقلائیّـة ، ثمّ احتمل أحد الـموجبات للحرمـة، أو احتمل حین إرادة الـتزویج، ذلک مجرّد الاحتمال غیر الـعقلائیّ، فلایبعد جواز الإقدام، وأمّا مع الاحتمال الـعقلائیّ ومع الـشکّ فی الـزوجیّـة فلا. وعلیـه یقاس الـشکّ فی الـنفوس والأموال فلا دلالـة لـها علی الـتوهّم الـمزبور جدّاً.
مع أنّ الالتزام بمفادها غیر ممکن؛ للزوم جواز الـبدار إلـی وط ء الـمرأة الـمردّدة بین کونها زوجـه، أو اُمّـه واُختـه وخالـتـه وغیرهنّ من الـمحارم. بل قضیّـة عمومها جواز الـبدار إلـیٰ قتل من شکّ فی مهدوریّـة دمـه، مع عدم الـحالـة الـسابقـة لـحرمتـه، وهو أیضاً غیر قابل للتصدیق، فلاتغفل.
[[page 253]]