المسألة السادسة
حول کلمة «استحیاء»
استحیاه واستحیی منـه واستحیٰ منـه: انقبض عنـه وامتنع منـه. استحیا: خجل. وفی «الـصحاح»: «إِنَّ الله َ لاَیَسْتَحْیِی»؛ أی لا یَسْتَبْقی. وقال الـجرجانی: الـحیاء: انقباض الـنفس من شیء وترکـه حذراً من اللوم فیـه. وفی «الـمفردات»: «وَیَسْتَحْیُونَ نِسَاءَکُمْ»؛ أیْ یستبقونهنّ. انتهیٰ.
والـظاهر أنّ تفسیر الاستحیاء بالاستبقاء، لأجل فرارهم عن نسبـة الإحیاء فی الآیـة إلـیـه تعالـیٰ، مع أنّـه ورد فی الـحدیث: «إِنّ الله حَیِیّ»، وإلاّ فالاستحیاء لیس بمعنیٰ الاستبقاء. نعم هو بمعنیٰ الإحیاء وضدّ الإماتـة، ولازمـه الإبقاء، ولذلک یصحّ هذا الـتفسیر بالـنسبـة إلـیٰ قولـه تعالـیٰ: «یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَکُمْ»؛ أی لا یُمیتونَهُنّ.
وأمّا بالـنسبـة إلـی الـمقام فلا یناسب إلاّ بحسب لازمـه، وهو الإبقاء؛ لأنّ الـقرآن قد صرف فی الأمثال وأتیٰ بکلّ مثل، فما أبقی الله تعالـیٰ إلاّ وقد أتیٰ بالأمثلـة الـمناسبـة، ولا یناسب قولـه تعالـیٰ: «وَالله ُ لاَیَسْتَحَیِی مِنَ
[[page 11]]الحَقِّ» حتّیٰ بلازمـه، کما هو واضح، فما فی «الـصحاح» وغیره غیر راجع إلـیٰ محصّل.
وقد أوصینا کراراً أبناء الـفهم والـدرایـة بأنّه لایجوز الـخلط بین مفاد اللغـة والـمسائل الـعقلیـة، الـراجعـة إلـیٰ مقام الـربوبیـة وتنزّهاتها عن الألفاظ ولوازمها، وعن الأحداث وتوابعها، فإنّ الـخلط بینهما من الاجتهاد الـباطل جدّاً.
[[page 12]]